ألا تكونون كهذه .. ؟!!
قصة قصيرة / بقلم عبد الناصر محمد مغنم
********
( قصة سعاد حلمي غزال (17 عاماً ) من قرية سالم قرب نابلس ، اعتقلت بتاريخ 13/12/1998م وعمرها (15عاماً) آنذاك ، وذلك بتهمة محاولة طعن إحدى المستوطنات ، وحكمت بالسجن ست سنوات ونصف .. وهذه قصتها )
*****
سنتان من العنت والقهر يا أعداء الله ..
سنتان من التعذيب الوحشي والهمجي ... سلخ بالسياط .. ضرب بالعصي .. قلع للأضراس .. دوس بالأقدام على كل أنحاء الجسد الغض الطري .. !!
ماذا تركتم من فنون الإذلال ولم تجربوه .. ؟!!
ماذا نسيتم من أساليب القهر ولم تستخدموه .. ؟!!
وبعد هذا كله .. هل أطفأتم شهوة الانتقام في صدوركم ؟!!
هل أشفيتم غليل أحقادكم ؟!!
هل شعرتم بالانتصار وأنتم تسلطون كلابكم على بنت ضعيفة لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها ..
يا ويحكم .. أي الرجال تكونون ؟!! بل أي الأنذال في هذا العالم أنتم ؟!!
كلمات سرت في خاطرها سريعة وهي تقاد إلى قفص الاتهام في قاعة المحكمة العسكرية في مستوطنة "شمرون" بالقرب من نابلس ..
مشت وصوت الأغلال في يديها يحطم سكون القاعة ...
سارت ببطء وسط أربع مجندات أحطن بها كالسوار في المعصم ..
نظرت يميناً وشمالاً تتأمل بعينيها أشباه الرجال ..
تمتمت بصوت خافت ..
- يا إخوان القردة والخنازير ...
جلست في قفص الاتهام تنتظر قدوم القضاة ..
يسود صمت خانق بانتظار قضاة المحكمة ...
يدخل القضاة ويعتلون المنصة ..
يلتفت أحدهم نحوها ..
- سعاد حلمي غزال .. هذا هو اسمك أليس كذلك ؟
تنظر إليه باستحقار دون إجابة .. !!
يهز رأسه ..
- حسناً .. لقد هاجمت إحدى الإسرائيليات بالقرب من مستوطنة "شافي شمرون" أثناء وقوفها على الشارع الرئيسي وحاولت طعنها بالسكين .. أليس كذلك ؟
تنظر إليه دون رد ..
- أجيبي على السؤال !!
تلتفت نحوه وعيناها تقذفان بالشرر ..
- نعم .. فعلت ذلك .. وليتني قتلتها ..
ينظر إليها القاضي بدهشة ..
- ولماذا ؟
تنهض واقفة وتصرخ في وجهه ..
- قبل أن أفعل ذلك بيوم واحد ، هاجم مستوطنوك قريتنا ، وعاثوا فيها فساداً .. هدموا منزلنا .. قتلوا أخي .. كانت هذه المستوطنة من بين عشرات قاموا بانتهاك حرمات بيوتنا ، وسرقوا ونهبوا ونكلوا بنا دون شفقة أو رحمة ..
يضرب بمطرقته على الطاولة ...
- كفى .. كفى ... رفعت الجلسة ..
يناقش القضاة أمر هذه الفتاة التي تجرأت في الهجوم على إسرائيلية وحاولت طعنها ..
يضرب القاضي بمطرقته ...
ينصت الجميع ..
تنهض سعاد لسماع الحكم ..
- حكمت المحكمة على المتهمة سعاد حلمي غزال بالسجن لمدة ست سنوات ونصف مع التنفيذ ..
تصرخ سعاد بأعلى صوتها ..
- الله أكبر ...
ترفع المصحف عالياً ..
- الحكم لله ، والبقاء لله ، وسوف ينتقم الله منكم يا أوغاد ..
تلتفت نحو القضاة ..
- أما أنتم .. أما أنتم يا جبناء فلكم هذه ... وتبصق في وجوههم ..
تصرخ في وجه جميع الجنود ..
- جبناء أنذال ... لا تجرؤون حتى على مواجهة النساء .. سيأتي اليوم الذي نفنيكم فيه بإذن الله .. سوف ترون أيها اليهود ..
ترفع راسها عالياً وتشمخ بروح الإباء ..
تلهج بالدعاء ...
- إليك المشتكى يا رب .. أنت ولي المستضعفين وناصرهم .. اللهم فانصرنا على القوم الكافرين .. !!
رفعت القرآن وحقّرت المحكمة
الحكم بـ6سنوات ونصف بحق أصغر أسيرة فلس