بسم الله الرحمن الرحيم
حتى متى نغط في سبات عميق . . !!؟
بقلم / عبد الناصر محمد مغنم *******************
توالت في الآونة الأخيرة الأحداث المفاجئة في عدد من الدول العربية والإسلامية ، وشهدت المنطقة توتراً ملحوظاً في السياسة والاقتصاد ، وتطوراً مريباً في التدهور الاجتماعي والأخلاقي ، وهذا من شأنه أن ينذر بمستقبل قاتم ، تخيم عليه سحابات حالكة ، ويخبئ أحداثاً لا يُعتقد أنها تحمل الخير .. !!
صرح نتنياهو قبل أيام تصريحاً يخفي ترتيبات صهيونية خبيثة بعيدة المدى ، تظهر حقائق غائبة، وتسفر عن الوجه الحقيقي لهذا العدو اللدود .. وجاء كلامه في مقابلة أجرتها معه صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية ، رداً على سؤال عما إذا كان يعتبر أن فرنسا تدفع أوروبا إلى حملة ضد إسرائيل ، حيث اكتفى بالقول : " أعتقد أن هذا الأمر لن يكون تصرفاً نبيهاً من جانب فرنسا " وأضاف متبجحاً : "إن الناتج المحلي لإسرائيل يقترب سريعاً من 40% من مجمل الناتج المحلي للدول العربية الـ 22 مجتمعة ، وخلال 10 - 15 سنة سيقترب من 80%!!".
وتابع : " إن الاقتصاد الإسرائيلي عندها سيكون مساوياً تقريباً للطاقة الاقتصادية لمجمل العالم العربي ، وأعتقد أن على الجميع ومن بينهم أوروبا التمعن جيداً بهذا الأمر لمعرفة أين توجد مصالحهم " !! (*)
كلمات تفجر نوايا جامحة نحو تحطيم البنى الاقتصادية المنهارة للدول العربية .. تلك الدول التي تسارع لعقد اتفاقات وتطبيع علاقات مع العدو الذي أصبح صديقاً .. ماذا يعني هذا ؟
إنه يعني باختصار شديد أن الأيام القادمة ستشهد حرباً اقتصادية مدمرة تُشن بكل الطرق الخسيسة والوسائل الشيطانية على دولنا العربية لتذرها فقيرة تحت الصفر ..
إن المرحلة التي يسعى اليهود للوصول إليها هي رؤية الشعوب العربية كلها في حالة تشبه تلك التي يعيشها اللاجئون في رواندا وبوروندي وزائير والصومال ..
لن يهدأ لهم بال حتى يروا الفقر يدفع الكثيرين منا لحاويات النفايات من أجل البحث عن الطعام ..
أما عن الوسائل والأساليب لتحقيق هذا الهدف فهي كثيرة لدى اليهود .. وهذه إشارة لبعضها ..
خلال ثلاث سنوات فقط استطاعت الأجهزة الأمنية في الدول العربية ضبط أكثر من 100 ألف قضية مخدرات تتعلق بالزراعة والتهريب والاتجار والتصنيع ، تورط فيها ما يقارب 200 ألف شخص، بينهم العربي والأجنبي .. !!
هذا وقد قدر الحجم المالي لتجارة المخدرات في الدول العربية فقط خلال السنة الماضية بما يقدر بـ 70 بليون دولار من مجموع 500 مليار هي إجمالي ناتج التجارة العالمية لهذه السموم .
لا شك أنها إحصائية مفجعة ، ومفاجأة غير متوقعة ، ومؤشرٌ خطيرٌ يوحي بأن بلادنا تسير على حافة الانهيار الخلقي ، والفساد الاجتماعي ، والتحلل من الفضيلة ، بما يجلبه هؤلاء المجرمون من آفات وسموم خطيرة ..
وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد .. فقد انتشرت في كثير من بلادنا دور البغاء ، ويجد أربابها تشجيعاً من قبل المسؤولين ، ويشهد لذلك أن عاصمة عربية تحوي أكثر من 130 باراً ليلياً تُمارس فيه كل أصناف الخنا ، كما انتشرت الجرائم بأشكال لم تكن تعرفها مجتمعاتنا من قبل، وصارت الرشوة في بلدان عدة خلقاً قويماً يتصف به جل المسؤولين ..
لقد سخروا لتحقيق هذا الهدف كل الوسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وكثفوا المؤتمرات الدولية لفرض مبادئ الفساد والإباحية ، وامتطوا ظهر العلم والطب فحولوا وجهته لخدمة أغراض الجنس والفاحشة ، واستعملوا سلاح المال الفعال لإجبار الحكومات على انتهاج سياستهم في تحطيم ما تبقى من مقومات لدى الشعوب العربية ، وذلك عبر صندوق النقد الدولي، والقروض المشروطة ، ومن يخالف فمصيره الحصار والتجويع ..
أما عن الفتن الداخلية ، فالجزائر وأفغانستان ، والصومال ، واليمن ، ولبنان ، وغيرها تنبئك بما فعله اليهود وأذنابهم ، حيث حولوا هذه البلاد إلى أفران يُشوى بها الناس ، وإلى مسالخ لتقطيع أعضاء البشر ، وإلى غابات تتصارع فيها الأقطاب والقوى المختلفة .. !!
هذا فضلاً عن إيجاد بواعث الفتنة ، وزرع بذور الشقاق ، وتفعيل النزاع على الحدود بين دول عدة ، وإطلاق العنان للأذناب والعملاء ليفسدوا في الأرض .
بالرغم من كل هذا فإننا نجد الأمة في سبات عميق ، لا تأبه بسكين الجزار على رقبتها ، ولا تحفل بما يُدبر لها وراء الكواليس ، ولا يهمها إفساد المفسدين ، وقد انشغلت بدنياها ، وقضت جل وقتها في لهاث وراء لقمة العيش ، أو وراء شهوة زائلة ، ونزوة آثمة ، ولم تنتبه لما يُدبر لها ، ولم تصل إلى المستوى المطلوب من الوعي وبعد النظر وحسن التفكير ..
إن الأمر جد خطير ، وإن مواجهة هذا المخطط أمرٌ عسير ، ولم أكتب هذه الكلمات لأني متشائمٌ ذو نظرة قاتمة .. ولست أدعي أنني أطلق عبر هذه الكلمة صرخة تحذير ، أو صافرة نذير .. وإنما هي شجون أبعثها لأمة لا زالت بخير .. ولا بد أن تنهض لتنفض عن كاهلها ثقل الذل والمهانة ، وتندفع بهمة لسحق كل محاولات القضاء على البقية الباقية من العزة والكرامة والمبدأ .. وتستعلي على الدنايا والرزايا ، وتعلي لواء الحق ولا تبالي..
إن ذلك يمكن أن يتحقق بالرغم من عوامل الضعف ، وآفات الهوان الكثيرة ، ولكن الدواء لا ينجح ولا يتفاعل ، ولا يمكن أن يقضي على الداء إلا إذا غيرنا واستجبنا لنداء ربنا عز وجل :
{ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } .. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) الحياة - عدد 12924 - 23/7/1998م .
حتى متى نغط في سبات عميق . . !!؟
بقلم / عبد الناصر محمد مغنم *******************
توالت في الآونة الأخيرة الأحداث المفاجئة في عدد من الدول العربية والإسلامية ، وشهدت المنطقة توتراً ملحوظاً في السياسة والاقتصاد ، وتطوراً مريباً في التدهور الاجتماعي والأخلاقي ، وهذا من شأنه أن ينذر بمستقبل قاتم ، تخيم عليه سحابات حالكة ، ويخبئ أحداثاً لا يُعتقد أنها تحمل الخير .. !!
صرح نتنياهو قبل أيام تصريحاً يخفي ترتيبات صهيونية خبيثة بعيدة المدى ، تظهر حقائق غائبة، وتسفر عن الوجه الحقيقي لهذا العدو اللدود .. وجاء كلامه في مقابلة أجرتها معه صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية ، رداً على سؤال عما إذا كان يعتبر أن فرنسا تدفع أوروبا إلى حملة ضد إسرائيل ، حيث اكتفى بالقول : " أعتقد أن هذا الأمر لن يكون تصرفاً نبيهاً من جانب فرنسا " وأضاف متبجحاً : "إن الناتج المحلي لإسرائيل يقترب سريعاً من 40% من مجمل الناتج المحلي للدول العربية الـ 22 مجتمعة ، وخلال 10 - 15 سنة سيقترب من 80%!!".
وتابع : " إن الاقتصاد الإسرائيلي عندها سيكون مساوياً تقريباً للطاقة الاقتصادية لمجمل العالم العربي ، وأعتقد أن على الجميع ومن بينهم أوروبا التمعن جيداً بهذا الأمر لمعرفة أين توجد مصالحهم " !! (*)
كلمات تفجر نوايا جامحة نحو تحطيم البنى الاقتصادية المنهارة للدول العربية .. تلك الدول التي تسارع لعقد اتفاقات وتطبيع علاقات مع العدو الذي أصبح صديقاً .. ماذا يعني هذا ؟
إنه يعني باختصار شديد أن الأيام القادمة ستشهد حرباً اقتصادية مدمرة تُشن بكل الطرق الخسيسة والوسائل الشيطانية على دولنا العربية لتذرها فقيرة تحت الصفر ..
إن المرحلة التي يسعى اليهود للوصول إليها هي رؤية الشعوب العربية كلها في حالة تشبه تلك التي يعيشها اللاجئون في رواندا وبوروندي وزائير والصومال ..
لن يهدأ لهم بال حتى يروا الفقر يدفع الكثيرين منا لحاويات النفايات من أجل البحث عن الطعام ..
أما عن الوسائل والأساليب لتحقيق هذا الهدف فهي كثيرة لدى اليهود .. وهذه إشارة لبعضها ..
خلال ثلاث سنوات فقط استطاعت الأجهزة الأمنية في الدول العربية ضبط أكثر من 100 ألف قضية مخدرات تتعلق بالزراعة والتهريب والاتجار والتصنيع ، تورط فيها ما يقارب 200 ألف شخص، بينهم العربي والأجنبي .. !!
هذا وقد قدر الحجم المالي لتجارة المخدرات في الدول العربية فقط خلال السنة الماضية بما يقدر بـ 70 بليون دولار من مجموع 500 مليار هي إجمالي ناتج التجارة العالمية لهذه السموم .
لا شك أنها إحصائية مفجعة ، ومفاجأة غير متوقعة ، ومؤشرٌ خطيرٌ يوحي بأن بلادنا تسير على حافة الانهيار الخلقي ، والفساد الاجتماعي ، والتحلل من الفضيلة ، بما يجلبه هؤلاء المجرمون من آفات وسموم خطيرة ..
وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد .. فقد انتشرت في كثير من بلادنا دور البغاء ، ويجد أربابها تشجيعاً من قبل المسؤولين ، ويشهد لذلك أن عاصمة عربية تحوي أكثر من 130 باراً ليلياً تُمارس فيه كل أصناف الخنا ، كما انتشرت الجرائم بأشكال لم تكن تعرفها مجتمعاتنا من قبل، وصارت الرشوة في بلدان عدة خلقاً قويماً يتصف به جل المسؤولين ..
لقد سخروا لتحقيق هذا الهدف كل الوسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وكثفوا المؤتمرات الدولية لفرض مبادئ الفساد والإباحية ، وامتطوا ظهر العلم والطب فحولوا وجهته لخدمة أغراض الجنس والفاحشة ، واستعملوا سلاح المال الفعال لإجبار الحكومات على انتهاج سياستهم في تحطيم ما تبقى من مقومات لدى الشعوب العربية ، وذلك عبر صندوق النقد الدولي، والقروض المشروطة ، ومن يخالف فمصيره الحصار والتجويع ..
أما عن الفتن الداخلية ، فالجزائر وأفغانستان ، والصومال ، واليمن ، ولبنان ، وغيرها تنبئك بما فعله اليهود وأذنابهم ، حيث حولوا هذه البلاد إلى أفران يُشوى بها الناس ، وإلى مسالخ لتقطيع أعضاء البشر ، وإلى غابات تتصارع فيها الأقطاب والقوى المختلفة .. !!
هذا فضلاً عن إيجاد بواعث الفتنة ، وزرع بذور الشقاق ، وتفعيل النزاع على الحدود بين دول عدة ، وإطلاق العنان للأذناب والعملاء ليفسدوا في الأرض .
بالرغم من كل هذا فإننا نجد الأمة في سبات عميق ، لا تأبه بسكين الجزار على رقبتها ، ولا تحفل بما يُدبر لها وراء الكواليس ، ولا يهمها إفساد المفسدين ، وقد انشغلت بدنياها ، وقضت جل وقتها في لهاث وراء لقمة العيش ، أو وراء شهوة زائلة ، ونزوة آثمة ، ولم تنتبه لما يُدبر لها ، ولم تصل إلى المستوى المطلوب من الوعي وبعد النظر وحسن التفكير ..
إن الأمر جد خطير ، وإن مواجهة هذا المخطط أمرٌ عسير ، ولم أكتب هذه الكلمات لأني متشائمٌ ذو نظرة قاتمة .. ولست أدعي أنني أطلق عبر هذه الكلمة صرخة تحذير ، أو صافرة نذير .. وإنما هي شجون أبعثها لأمة لا زالت بخير .. ولا بد أن تنهض لتنفض عن كاهلها ثقل الذل والمهانة ، وتندفع بهمة لسحق كل محاولات القضاء على البقية الباقية من العزة والكرامة والمبدأ .. وتستعلي على الدنايا والرزايا ، وتعلي لواء الحق ولا تبالي..
إن ذلك يمكن أن يتحقق بالرغم من عوامل الضعف ، وآفات الهوان الكثيرة ، ولكن الدواء لا ينجح ولا يتفاعل ، ولا يمكن أن يقضي على الداء إلا إذا غيرنا واستجبنا لنداء ربنا عز وجل :
{ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } .. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) الحياة - عدد 12924 - 23/7/1998م .