بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الطيبة ووسائل الإعلام !!
بقلم / عبد الناصر محمد مغنم
******
بعد كتابة مقالة أو قصة أو قصيدة تربوية هادفة ، ذات معنى إنساني نبيل ، ومغزى أخلاقي رفيع ، وتتميز بمصداقيتها ، ومضمونها الجاد القويم ، ومراميها الإصلاحية أو الإيمانية السامية .. بعد كتابتها غالباً ما يقع الكاتب في مشكلة النشر والصحافة .. وأول ما يتبادر لذهنه تساؤل مرده إلى الواقع الصحفي المتردي في عالمنا الإسلامي .. وهو : من سينشر مقالتي هذه ؟
وبعد غربلة وفرز للصحف والمجلات الذائعة الصيت ، الشائعة السمعة والاسم ، الواسعة الانتشار .. لا يكاد يجد من بين المئات أو الآلاف بضع صحف ومجلات يمكن أن تقبل أو توافق على نشر مقالته التي تعب واجتهد في إعدادها ، وتحرى الدقة والصدق والأمانة في مضمونها ومحتواها ..
وبعد هذه المشكلة يقع الكاتب في حيرة من أمره ، ويتبادر لذهنه سؤال آخر ، وهو: إلى أي هذه الصحف أو المجلات يرسل مقالته أو قصته أو قصيدته .. ومن منها يمكن أن ينشر له ما كتب بأسرع وقت ؟!
وبعد إجراء قرعة ، أو صلاة استخارة ، أو اجتهاد وتوقع يعزم على إرسال ما كتب لإحدى الصحف أو المجلات راجياً أن تصل بالسلامة ، وتجد طريقها للنشر ..!!
قد لا تصل الرسالة طبعاً لأسباب أمنية .. عفواً أعني فنية .. وقد يتأخر وصولها بسبب ولوع الرقيب في قراءتها وشد الموضوع لانتباهه .. وقد تصل فتهمل مدة من الزمن فلا يؤبه لها في بادئ الأمر ، ثم يُعتذر لصاحبها بأن موضوعها فات أوانه ، أو أن المجلة والصحيفة تطرقت له في مقالات أخرى ، أو أن المجلة أو الصحيفة لا تنشر مثل هذه المقالات أو القصص ، أو القصائد لأنها تتطرق لأمور سياسية ، أو وقائع يحظر على الناس التعليق عليها أو الاجتهاد في حيثياتها .. !!
وإذا ما نُشرت ، وعثرت على مكان في إحدى الصحف أو المجلات ، فإن صاحبها غالباً لا ينجو من تبعاتها المترتبة على نشرها ، وآثارها التي يمكن أن يطلق عليها مدمرة أو تدعو إلى فكر متطرف ، أو إرهابي ، أو معادي للسلام ..
مشكلة الكلمة الصادقة التي لا تعرف المداهنة وجود العقبات الكأداء ، والحواجز الكثيرة - وبالألوان - أمامها تعترض طريقها ، وتحول بينها وبين أعين وأسماع الناس.. بينما تجد الكلمة الخبيثة ، أو المقالة المتزلفة المداهنة ، أو القصة الرمزية التي لا يفهم أولها من آخرها ، أو القصيدة الحداثية التي لا وزن لها ولا طعم ولا رائحة .. تجد هذه النوعية الطريق أمامها مفتوحاً على مصراعيه ، واسعاً شاسعاً ، والصفحات مشرعة ، والمجلات والصحف تتسابق على نشرها ، وتستجدي صاحبها في التعامل معها ، وتطلب المزيد والمزيد ..
واعجباً لهذا الواقع المنكوس ، وهذه المفاهيم المقلوبة .. !!
إن الكلمة الطيبة غدت ثقيلة لا تلقى القبول والرضا لدى قطاع واسع في مجتمعنا بسبب التوجيه الإعلامي المنحرف المكثف ، وقلة الوعي ، والاستسلام للفكر الغربي أو الغريب أو المتغرب ..
لا أقول هذا من باب التشاؤم بأحوال أمتنا الفكرية والإعلامية ، ولكن من باب عرض قضية هامة نعيشها ، وبيان مشكلة أساسية يعاني منها الكتاب الصادقون .. ولو تصفحت أي مجلة أو صحيفة لوجدت صفحات عدة أفردت للحديث عن الرياضة ، أو زيارات وتحركات ومقابلات واستقبالات وتوديعات علية القوم أو الملأ ، وما قيل فيها من شعر ، وما قدم بسببها من تهنئات ، وما تبع ذلك من آثار ، وما نتج عنها من قرارات ... إلخ .
وتجد الصفحات الممتلئة بالغثاء من الأفكار والتحليلات والأدبيات ، والشعر والنثر في التزلف والتسلق ، والمقابلات مع أهل الفن والنجومية الزائفة ، وغير ذلك الكثير الكثير ..
أما القراء فقضيتهم أعجب وأعجب .. فهم يتراكضون ويتسابقون على الصحف والمجلات الماجنة والفاتنة ، وقطاع كبير يحبذ المجلات والصحف المختصة بأخبار الرياضة ، أو التي احتوت على ملحق خاص بالرياضة ..
وقلة نادرة هم الذين يهتمون بمعرفة الحقيقة ، ويبحثون عنها في الصحافة الصادقة ، ووسائل الإعلام التي لم يخالطها دخن الفساد ، وخبث النية ، وفسق الخبر والكلمة ..
وأعجب حين أجد بعض مجلاتنا الإسلامية النقية الصادقة لا يؤبه لمطالعتها ، ولا يلتفت إليها ، وتبقى على رفوف المكتبات وأكشاك بيع الكتب والصحف لترد في النهاية إلى مصدرها دون أن تنقص سوى واحدة أو اثنتين .. وعندما أتحدث عنها وسط جمع من الناس تعلو وجوههم الغرابة ويتساءلون : أول مرة نسمع بهذه المجلة .. هل هي جديدة ؟ أين تباع ؟ أين تصدر ؟
وبالرغم من رخص سعر المجلة الإسلامية الهادفة ، فإننا نجدها تشكو وتعاني من قلة الانتشار ، وربما أدى ذلك إلى توقفها حتى إشعار آخر ..
وإزاء هذا نجد المجلات الأخرى مرتفعة الثمن ، وتجد الإقبال ، وهي في نفس الوقت غالباً ما تكون مدعومة من قبل جهات رسمية ، ومؤسسات مشهورة غنية ، وأثرياء للترويج لفكر يوافق أهواءهم ، ويلبي رغباتهم ..
ولكننا مع هذا كله نعود ونؤكد أن الكلمة الطيبة بالجهد البسيط ، والمال القليل ، وبالرغم من كل العقبات هي التي سوف تعلو ، وهي التي سوف تمكث في الأرض .. قال تعالى : { أما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } [الرعد:17]
وقال تعالى : { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء . تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون } [إبراهيم : 24-25] .
الكلمة الطيبة ووسائل الإعلام !!
بقلم / عبد الناصر محمد مغنم
******
بعد كتابة مقالة أو قصة أو قصيدة تربوية هادفة ، ذات معنى إنساني نبيل ، ومغزى أخلاقي رفيع ، وتتميز بمصداقيتها ، ومضمونها الجاد القويم ، ومراميها الإصلاحية أو الإيمانية السامية .. بعد كتابتها غالباً ما يقع الكاتب في مشكلة النشر والصحافة .. وأول ما يتبادر لذهنه تساؤل مرده إلى الواقع الصحفي المتردي في عالمنا الإسلامي .. وهو : من سينشر مقالتي هذه ؟
وبعد غربلة وفرز للصحف والمجلات الذائعة الصيت ، الشائعة السمعة والاسم ، الواسعة الانتشار .. لا يكاد يجد من بين المئات أو الآلاف بضع صحف ومجلات يمكن أن تقبل أو توافق على نشر مقالته التي تعب واجتهد في إعدادها ، وتحرى الدقة والصدق والأمانة في مضمونها ومحتواها ..
وبعد هذه المشكلة يقع الكاتب في حيرة من أمره ، ويتبادر لذهنه سؤال آخر ، وهو: إلى أي هذه الصحف أو المجلات يرسل مقالته أو قصته أو قصيدته .. ومن منها يمكن أن ينشر له ما كتب بأسرع وقت ؟!
وبعد إجراء قرعة ، أو صلاة استخارة ، أو اجتهاد وتوقع يعزم على إرسال ما كتب لإحدى الصحف أو المجلات راجياً أن تصل بالسلامة ، وتجد طريقها للنشر ..!!
قد لا تصل الرسالة طبعاً لأسباب أمنية .. عفواً أعني فنية .. وقد يتأخر وصولها بسبب ولوع الرقيب في قراءتها وشد الموضوع لانتباهه .. وقد تصل فتهمل مدة من الزمن فلا يؤبه لها في بادئ الأمر ، ثم يُعتذر لصاحبها بأن موضوعها فات أوانه ، أو أن المجلة والصحيفة تطرقت له في مقالات أخرى ، أو أن المجلة أو الصحيفة لا تنشر مثل هذه المقالات أو القصص ، أو القصائد لأنها تتطرق لأمور سياسية ، أو وقائع يحظر على الناس التعليق عليها أو الاجتهاد في حيثياتها .. !!
وإذا ما نُشرت ، وعثرت على مكان في إحدى الصحف أو المجلات ، فإن صاحبها غالباً لا ينجو من تبعاتها المترتبة على نشرها ، وآثارها التي يمكن أن يطلق عليها مدمرة أو تدعو إلى فكر متطرف ، أو إرهابي ، أو معادي للسلام ..
مشكلة الكلمة الصادقة التي لا تعرف المداهنة وجود العقبات الكأداء ، والحواجز الكثيرة - وبالألوان - أمامها تعترض طريقها ، وتحول بينها وبين أعين وأسماع الناس.. بينما تجد الكلمة الخبيثة ، أو المقالة المتزلفة المداهنة ، أو القصة الرمزية التي لا يفهم أولها من آخرها ، أو القصيدة الحداثية التي لا وزن لها ولا طعم ولا رائحة .. تجد هذه النوعية الطريق أمامها مفتوحاً على مصراعيه ، واسعاً شاسعاً ، والصفحات مشرعة ، والمجلات والصحف تتسابق على نشرها ، وتستجدي صاحبها في التعامل معها ، وتطلب المزيد والمزيد ..
واعجباً لهذا الواقع المنكوس ، وهذه المفاهيم المقلوبة .. !!
إن الكلمة الطيبة غدت ثقيلة لا تلقى القبول والرضا لدى قطاع واسع في مجتمعنا بسبب التوجيه الإعلامي المنحرف المكثف ، وقلة الوعي ، والاستسلام للفكر الغربي أو الغريب أو المتغرب ..
لا أقول هذا من باب التشاؤم بأحوال أمتنا الفكرية والإعلامية ، ولكن من باب عرض قضية هامة نعيشها ، وبيان مشكلة أساسية يعاني منها الكتاب الصادقون .. ولو تصفحت أي مجلة أو صحيفة لوجدت صفحات عدة أفردت للحديث عن الرياضة ، أو زيارات وتحركات ومقابلات واستقبالات وتوديعات علية القوم أو الملأ ، وما قيل فيها من شعر ، وما قدم بسببها من تهنئات ، وما تبع ذلك من آثار ، وما نتج عنها من قرارات ... إلخ .
وتجد الصفحات الممتلئة بالغثاء من الأفكار والتحليلات والأدبيات ، والشعر والنثر في التزلف والتسلق ، والمقابلات مع أهل الفن والنجومية الزائفة ، وغير ذلك الكثير الكثير ..
أما القراء فقضيتهم أعجب وأعجب .. فهم يتراكضون ويتسابقون على الصحف والمجلات الماجنة والفاتنة ، وقطاع كبير يحبذ المجلات والصحف المختصة بأخبار الرياضة ، أو التي احتوت على ملحق خاص بالرياضة ..
وقلة نادرة هم الذين يهتمون بمعرفة الحقيقة ، ويبحثون عنها في الصحافة الصادقة ، ووسائل الإعلام التي لم يخالطها دخن الفساد ، وخبث النية ، وفسق الخبر والكلمة ..
وأعجب حين أجد بعض مجلاتنا الإسلامية النقية الصادقة لا يؤبه لمطالعتها ، ولا يلتفت إليها ، وتبقى على رفوف المكتبات وأكشاك بيع الكتب والصحف لترد في النهاية إلى مصدرها دون أن تنقص سوى واحدة أو اثنتين .. وعندما أتحدث عنها وسط جمع من الناس تعلو وجوههم الغرابة ويتساءلون : أول مرة نسمع بهذه المجلة .. هل هي جديدة ؟ أين تباع ؟ أين تصدر ؟
وبالرغم من رخص سعر المجلة الإسلامية الهادفة ، فإننا نجدها تشكو وتعاني من قلة الانتشار ، وربما أدى ذلك إلى توقفها حتى إشعار آخر ..
وإزاء هذا نجد المجلات الأخرى مرتفعة الثمن ، وتجد الإقبال ، وهي في نفس الوقت غالباً ما تكون مدعومة من قبل جهات رسمية ، ومؤسسات مشهورة غنية ، وأثرياء للترويج لفكر يوافق أهواءهم ، ويلبي رغباتهم ..
ولكننا مع هذا كله نعود ونؤكد أن الكلمة الطيبة بالجهد البسيط ، والمال القليل ، وبالرغم من كل العقبات هي التي سوف تعلو ، وهي التي سوف تمكث في الأرض .. قال تعالى : { أما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } [الرعد:17]
وقال تعالى : { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء . تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون } [إبراهيم : 24-25] .