عرائس فلسطين يودعن فرسان أحلامهن
لم يكن يتبادر إلى ذهن لينا القطب ابنة العشرين ربيعا من مدينة نابلس ، أنها ستقترن بشاب سيضع الاحتلال نهاية لحياته ، قبل أن يمر نصف العام الأول من زفافه .. أشهر معدودة قضتها العروس الفلسطينية مع عريسها ، ولم تكد تتعرف عليه بشكل كاف ، بحكم المدة القصيرة التي جمعتهما ، حتى انقضت صواريخ الاحتلال على مكان عمله ليسقط شهيدا في الحادي والثلاثين من تموز 2002 م مع مجموعة من رجال المقاومة ، بينهم قياديان من حركة المقاومة الإسلامية " حماس " وصحفيان بالإضافة إلى طفلين .
كان يوم السابع من آذار ( مارس ) الماضي يوما مشهودا في حياتها ، فقد زفّت إلى شاب متدين ، تربى في المساجد ، ذلك الشاب الذي حلمت بمثله طويلا ، وتمنت أن يكون زوج المستقبل الذي يسعدها بإذن الله ، ويكون أبا لأطفالها .. لكن صواريخ الحقد لم تعط فرصة لإكمال حلم بدأته مع عمر ، فقد خطفت منها زوجها ، ولم تمنحه فرصة رؤية ابنه الذي ما زال في أحشاء أمه ، و غكمال أحلام كان قد رتبا لها منذ اقترانهما .
ففي صبيحة 31 تموز ( يوليو ) 2001 فجعت لينا بخبر قتل اليهود لزوجها عمر على أيدي جنود الاحتلال المعتدين ، حيث ترك لها أمانة تربية ابنهما ، الذي لم ير النور بعد ، لتجعل منه رجلا يسير على درب بيه في مجابهة الأعداء و حب الشهادة .
أما تحرير عطا الله عيسى ابنة ال 24 عاما ، من مخيم بلاطة ، فقد تربت في بيت اعتاد أبناؤه على السجن والاعتقال ، فوالدها اعتقل لعدة أعوام ، كما اعتقل شقيقها عبد الناصر على خلفية انتمائه لكتائب القسام ، الجناح العسكري لحركة " حماس " و الذي حكم عليه بالسجن المؤبد مرتين متتاليتين ، وعلى إثر ذلك هدمت قوات الاحتلال بيتهم فأصبحت عائلتها تعيش وسط معاناة نفسية كبيرة .
ولكن اقتران تحرير بأحمد مرشود بتشجيع من شقيقها عبد الناصر، الذي لم يكن يكف عن الحديث عن طيبة أحمد و أخلااقه ، التي يشهد له بها الجميع ، كان له الأثر الكبير في التخفيف عنها ، ولتنتقل تحرير من بيت مقاوم إلى بيت لا يقل عنه مقاومة ،فلم يكن يخطر ببالها أنها ستفقد الزوج ، الذي حلمت بالعيش معه في ظل بيت تملؤه المودة والرحمة ، فأحمد الذي اعتقل في سجون الاحتلال سبعة اعوام كان من قيادات المعتقلين ، وكان إعلاميا بارزا ، يزود وسائل الإعلام المختلفة بالمعلومات عن معاناة المعتقلين في سجون الاحتلال ، وكان زوجا صالحا على الرغم من قصر المدة التي قضتها معه .
ونزل نبأ إصابته بانفجار ضخم ، أعده عملاء اليهود في نابلس لمجموعة من المجاهدين ، كالصاعقة على مسامع تحرير ، فسارعت إلى المذياع لمتابعة الأخبار عبر إحدى المحطات المحلية ، ففوجئت بأن زوجها أحمد أصيب ، فتوجهت مع إحدى جاراتها إلى المستشفى ، إلا أن أحمد كان قد فارق الحياة . وفي منزل عائلته استقبلت تحرير إلى جانب عائلته المعزيات اللواتي لم ينقطعن اياما طويلة في الليل والنهار ، الأمر لاذي كان له اثر في تخفيف المصاب .
وبالإضافة إلى لينا وتحرير فإن أخريات كثيرات من بنات فلسطين فجعن بأزواجهن و صبرن راضيات محتسبات ...
فهذا صلاح أبو قينص -27 - عاما ، يقتل على أيدي الجنود ولم يمض على زواجه سوى أربعين يوما ، لكن زفافه من عروسه لم يمنعه من نصرة الأقصى ، ونيل الشهادة في سبيل الله ..
فتتلقى عروسه النبأ فتقول بجنان ثابت : " كنت عروسا لصلاح .. و لكني الآن زوجة الشهيد صلاح إن شاء الله ، ويكفيني فخرا أنني زوجته " .
وهذه المواقف تتكرر باستمرار ، في ظل مواصلة عمليات القتل والتدمير ، حيث يكثر الشهداء من الشباب ، مخلفين ورائهم عددا كبيرا من الفتيات اللاتي كنا بانتظار يوم الزفاف ، على أمل تكوين أسرة في ظل حياة جديدة .
المصدر من كتاب : نساء فلسطين إصرار في ظل الحصار نماذج نسائية في الصبر والبطولة .
المؤلف : عبد الناصر محمد مغنم . الطبعة الاولى 1425 هـ ـ 2004 م
لم يكن يتبادر إلى ذهن لينا القطب ابنة العشرين ربيعا من مدينة نابلس ، أنها ستقترن بشاب سيضع الاحتلال نهاية لحياته ، قبل أن يمر نصف العام الأول من زفافه .. أشهر معدودة قضتها العروس الفلسطينية مع عريسها ، ولم تكد تتعرف عليه بشكل كاف ، بحكم المدة القصيرة التي جمعتهما ، حتى انقضت صواريخ الاحتلال على مكان عمله ليسقط شهيدا في الحادي والثلاثين من تموز 2002 م مع مجموعة من رجال المقاومة ، بينهم قياديان من حركة المقاومة الإسلامية " حماس " وصحفيان بالإضافة إلى طفلين .
كان يوم السابع من آذار ( مارس ) الماضي يوما مشهودا في حياتها ، فقد زفّت إلى شاب متدين ، تربى في المساجد ، ذلك الشاب الذي حلمت بمثله طويلا ، وتمنت أن يكون زوج المستقبل الذي يسعدها بإذن الله ، ويكون أبا لأطفالها .. لكن صواريخ الحقد لم تعط فرصة لإكمال حلم بدأته مع عمر ، فقد خطفت منها زوجها ، ولم تمنحه فرصة رؤية ابنه الذي ما زال في أحشاء أمه ، و غكمال أحلام كان قد رتبا لها منذ اقترانهما .
ففي صبيحة 31 تموز ( يوليو ) 2001 فجعت لينا بخبر قتل اليهود لزوجها عمر على أيدي جنود الاحتلال المعتدين ، حيث ترك لها أمانة تربية ابنهما ، الذي لم ير النور بعد ، لتجعل منه رجلا يسير على درب بيه في مجابهة الأعداء و حب الشهادة .
أما تحرير عطا الله عيسى ابنة ال 24 عاما ، من مخيم بلاطة ، فقد تربت في بيت اعتاد أبناؤه على السجن والاعتقال ، فوالدها اعتقل لعدة أعوام ، كما اعتقل شقيقها عبد الناصر على خلفية انتمائه لكتائب القسام ، الجناح العسكري لحركة " حماس " و الذي حكم عليه بالسجن المؤبد مرتين متتاليتين ، وعلى إثر ذلك هدمت قوات الاحتلال بيتهم فأصبحت عائلتها تعيش وسط معاناة نفسية كبيرة .
ولكن اقتران تحرير بأحمد مرشود بتشجيع من شقيقها عبد الناصر، الذي لم يكن يكف عن الحديث عن طيبة أحمد و أخلااقه ، التي يشهد له بها الجميع ، كان له الأثر الكبير في التخفيف عنها ، ولتنتقل تحرير من بيت مقاوم إلى بيت لا يقل عنه مقاومة ،فلم يكن يخطر ببالها أنها ستفقد الزوج ، الذي حلمت بالعيش معه في ظل بيت تملؤه المودة والرحمة ، فأحمد الذي اعتقل في سجون الاحتلال سبعة اعوام كان من قيادات المعتقلين ، وكان إعلاميا بارزا ، يزود وسائل الإعلام المختلفة بالمعلومات عن معاناة المعتقلين في سجون الاحتلال ، وكان زوجا صالحا على الرغم من قصر المدة التي قضتها معه .
ونزل نبأ إصابته بانفجار ضخم ، أعده عملاء اليهود في نابلس لمجموعة من المجاهدين ، كالصاعقة على مسامع تحرير ، فسارعت إلى المذياع لمتابعة الأخبار عبر إحدى المحطات المحلية ، ففوجئت بأن زوجها أحمد أصيب ، فتوجهت مع إحدى جاراتها إلى المستشفى ، إلا أن أحمد كان قد فارق الحياة . وفي منزل عائلته استقبلت تحرير إلى جانب عائلته المعزيات اللواتي لم ينقطعن اياما طويلة في الليل والنهار ، الأمر لاذي كان له اثر في تخفيف المصاب .
وبالإضافة إلى لينا وتحرير فإن أخريات كثيرات من بنات فلسطين فجعن بأزواجهن و صبرن راضيات محتسبات ...
فهذا صلاح أبو قينص -27 - عاما ، يقتل على أيدي الجنود ولم يمض على زواجه سوى أربعين يوما ، لكن زفافه من عروسه لم يمنعه من نصرة الأقصى ، ونيل الشهادة في سبيل الله ..
فتتلقى عروسه النبأ فتقول بجنان ثابت : " كنت عروسا لصلاح .. و لكني الآن زوجة الشهيد صلاح إن شاء الله ، ويكفيني فخرا أنني زوجته " .
وهذه المواقف تتكرر باستمرار ، في ظل مواصلة عمليات القتل والتدمير ، حيث يكثر الشهداء من الشباب ، مخلفين ورائهم عددا كبيرا من الفتيات اللاتي كنا بانتظار يوم الزفاف ، على أمل تكوين أسرة في ظل حياة جديدة .
المصدر من كتاب : نساء فلسطين إصرار في ظل الحصار نماذج نسائية في الصبر والبطولة .
المؤلف : عبد الناصر محمد مغنم . الطبعة الاولى 1425 هـ ـ 2004 م