بسم الله الرحمن الرحيم
طرفة وقصيدة
أراد مدير المدرسة أن يبادر أمين المكتبة بالسلام وإلقاء التحية ، وذلك في أول يوم من الدوام بعد إجازة العيد ، فذهب إليه في المكتبة ، وصافحه وعانقه ، فرحب به ، وقدم إليه كعكاً ، فتناوله المدير وجعل يأكل ، ولكن يبدو أن الكعك كان قاسياً ، فلم يُطق المدير هضمه ، فقدم إليه الأستاذ جودت طبقاً ، وطلب منه أن يتناول المزيد ، وألح عليه بذلك ، مما اضطر مديرنا الذي عودنا على سعة صدره وطيبته أن يأكل المزيد ، ولما حاول أمين المكتبة أن يقنعه بتناول المزيد ، قرر المدير الانسحاب فراراً من هذا المأزق بجلده .. ثم صار كلما مرّ بالمكتبة يتذكر الكعك فيسلم عن بعد ، مع استفسار عن الكعك ، وهل ما زال في الطبق منه شيئ أم انتهى ؟
وذات يوم وأثناء اجتماع المدرسين في المكتبة ، ذكر المدير قصته مع كعك الأستاذ جودت ، فرأيت أن أنظم شعراً في هذه الطرفة ، فكانت هذه القصيدة بعنوان "كعك جودت" ..
كعك جودت
شعر / عبد الناصر محمد مغنم
******
زرت جودت ذات يوم حين زاد له اشتياقي
قلت أمضـي كــي أراه إنـه خلّ الوفــــــــاق
قال مرحى يا مديــري ثُمّ حيـــــا بالعنــــاق
صار يشدو لي بشـــعر آه مـــا أحلى التلاقي
واليـــد امتدت لــدرجٍ فيـه حلوى مع رقاق
قدّم الكعــــك المحلــى قال كل كعك الرفــاق
فيه لوز ثم جــــــــــوز طيّـــــــب مثل الرقاق
قلت واحدة ويكفــــــي لا تثَنّي لـــــــــي بباق
قال كلا يــا مديـــري كلـــــه هيا في سباق
شـــدني قال التهمـــــه كعكنا حلــــو المـذاق
وانبرى يعطيني حتى سال دمعي في المآقي
كعكه مثل الشظايـــــا لا تراها فـــي العراق
قد أكلت الكعك حتــــى عــــــــدتُ أرنوللفراق
صرت إن أبصرت كعكاً أنطلــــق مثل البراق
وبعد كتابتها أهديت المدير نسخة منها ، ففرح لذلك وغمره السرور ، وسارع بإرسالها إلى الأستاذ جودت أمين المكتبة ، الذي ما أن قرأها حتى ضحك بملء فيه، وشرع في الرد عليها ، وكتابة مقابلة لها ، ثم ثنى بأخرى حول الكعك ، أحببت أن أطرحها مع قصيدتي في هذه الطرفة التي ستبقى خالدة في الذاكرة .
الكعكيات (1)
شعر / جودت أبو بكر
*****
إن شوق الحــــــــرّ باق في دمـــائي واشتيـاقــي
ألف أهــلاً في فـــــــؤاد نبضـــــــُهُ نبضُ الوِفَاقِ
يومَ حيّانــــــــــي بِلُطفٍ والأخـــــوّة بالعنـــــــاقِ
إنّه الشّـــــــــعرُ دَعَانـي والتلاقــــي بالتلاقــــــي
إنّ في درجــــيَ كعـــكاً وبــــه بعضُ الـــرّقــاقِ
أيّها الأستاذُ كعكــــــــي هاتـفٌ أين رفاقــــــــي
هُو من لوز وجــــــــوز هو مـن شهدٍ مُــــــراقِ
كلّ ما في الدّرج يُهدى ثُمّ يُهدى أيّ بـــــــــاقِ
يُؤكلُ الكعك لذيـــــــذاً هيّا إنّا في ســـــــــباقِ
قَضَمَ الكَعكـــــــةَ نـادى ألفَ آهٍ مـــــــــــا ألاقي
ربما تكســــر أسنانـــي ويمضـــــــــــي للبواقِ
قلتُ يا أســــــــتاذ لا لا إنّه حلوُ المــــــــــــذاقِ
شدّني والدمـــــعُ يجري ثُمّ يجــــري في المآقي
هل تُرى كعكك صخـــرٌ أم شظايا في العـــــراقِ
قال لـي هيا وهيــــــــــا يـا صديقي للفـــــــراقِ
ومضى عنـي بعيـــــــداً وســريــعاً كالبـــــــراقِ
صحتُ يا أسـتاذُ مهـــلاً وهو يمضي في انطلاق
قد كرهتُ الكعك لمّــــا قد رمانا في الشـــــقاقِ
الكعكيات (2)
شعر / جودت أبو بكر
*****
هذه الكعكــــةُ أحلـــى وبِأهـــــلِ الخير أوْلــــى
قلـــــــــــــتُ أهديهـــــــــــا ، وفي الإهـــــــــداء حبٌّ ليس إلاّ
زارني يومـــــاً مُديري قلتُ يـــــــومُ السّعد حَلاّ
كعكنـا أمســــــــى شهياً وبـــــه الشّهدُ تدَلّــــــى
أيّها الأستاذ خُذهـــــــــا كعكــــة أزكى وأغلـــى
من أخيك الآن تُهــــدى وبها أهلاً وســـــــــهلا
أخَذ الكعكــــــــــة منّي ثُمّ خـلاّنـــــــــي وولّى
قلتُ يا أســـــــتاذ عُذراً أيّهــــــــــا الأستاذ مهلا
عندنـــــــــــا كعكٌ كثيرٌ صاحَ لا لا ثــــــمّ لا لا
ارم بالكعـــــــــكِ يهوداً كي يُروا صرعى وقتلى
وذات يوم ، وبينما كان المدير يقوم بجولة في المدرسة ، التقى بأمين المكتبة ، فألقى على مسامعه هذه الأبيات ، حول الكعك أيضاً ..
الأخ الأستاذ الكريم / أبا فيصل سلمه الله تعالى ..
عِندما أسأل عنـــــكا فلَقـــــــــدْ أملكُ شـكا
ربما يشربُ شـــــاياً ربمــــــــا يأكلُ كعكا
كعكنا أمسى حبيبــــاً وشــهياً ليس شـوكا
لا تُخاصمــــــه كثيراً ربمـــــــا يزعل منكا
فلما التقيت بمديري في المدرسة ، أطلعني على هذه الأبيات ، ثم ألمح لي بضرورة الرد عليها ، لأن كعك أستاذنا جودت ليس مجرد شوك كما يظن ، بل شظايا فعلت وفعلت ..
بعدها خلوت برهة في غرفتي ، ففاضت القريحة بهذا الرد ..
لا تسَلْ عنّي فإنّــــــي مغرمٌ بالبعدِ عنـــــــكـا
منذُ ذُقتُ الكعك غصباً لمْ أعُدْ أرنــــــــو إليكـا
يا صديقـــي أيّ شوكٍ دكّ أســــــــنانيَ دكــّــا
لا تقلْ كعكاً شــــــهياً ليـس شهداً ليس مِسـكا
كعكُكَ المُهدى شـظايا مِنْ صُخورٍ صارَ كعكا
أعطهِ شبلاً أبيـــــّــــاً ينفجرْ فيه بعكـــّــــــــا
كيفَ أمضي نحوَ خلٍّ قدْ بنى للكعــــــكِ بنكا
وبعد أيام .. عاد الأستاذ جودت مرة أخرى ليذكرنا بكعكه .. ومضى يشدو لنا بشعره ، يتغنى بكعكه .. بل إنه صار يهددنا به ، ويتوعدنا بقطعة منه .. فقال :
صوته صوت رخيم وحبيــب دون شك
إن يعـد يصرخ يوماً فلــــــه قطعة كعك
وما أن قرأها مديرنا الفاضل ، حتى استغاث بمن يرد عليه ..
اتصل بي ليخبرني بهذا الهجوم المفاجئ ، ويطلب الرد عليه بسباعية حامية ..
ففكرت قليلاً .. ثم رددت هذه الأبيات ..
يا أخي دع عنك صــوتي بُــــــح من حبات كعكِ
كنت لو ناديتُ صخــــراً يسمعُ الصوت فيحكــي
كنتُ ذا صوت جهــــور ضـاع حتى حيــن أبكي
يا صديقــــــــي أيّ حبّ منك قد أدى لفتــــــــكي
لم أعد أبصــــر حولـــي أي شيءٍ غيـــــــر كعكِ
مثل كابـــــــوس أتـــاني يبتغي ذبحي وســـــفكي
كل يـــــــــوم إذ تنـــادي يا أخــــي كعكي وكعكي
لم يتوقف الشاعر جودت أبو بكر عن الرد ، وإرسال مزيد من الأبيات حول كعكه للمدير ..
فسارع بهذه الأبيات ( الأحد 29/12/1423هـ) :
يقول : التقيت مع الأستاذ عبد العزيز العريني ، ناداني بأبي كعك ، فارتجلت له :
كعكنا قد صار قصّة ولـهُ في الحلقِ غصّــة
كعكنا هذا حبيــــــبٌ أعْطهِ إنْ شئتَ فُرصة
عندنا كعكٌ كثيــــــرٌ ولكم أكبرُ حصّــــــــة
وكالعادة لا بد من الرد ، فعندما أعلمني المدير بها سارعت بكتابة هذه الأبيات ..
لا تذكّرني بكعــــــــــكٍ فيه آلامٌ وغصـــــــــهْ
لو رأيت الكعك أمضي نحو هاتيك المنصّــــهْ
لو ســـــــــمعت الكاف والعيــــــن بدرسٍ أو بحصّــــــــــهْ
قمت فوراً من مكانـــي قد أتيحت خيرُ فرصهْ
للهروب وللتولـــــــــي مثل من جاءته رفصهْ
إن أتاني الكعك يومــــاً قد أولّي نحو قفصــــهْ
وقفصة مدينة من مدن تونس ..
بعدما قرأ شاعرنا هذه الأبيات ، عاود الرد بهذه الأبيات ..
شـعركم هــــــــذا جميلٌ عندما نقـــــــرأ نصّــــهْ
إنمــــــــــا كعكي ينـادي قد ظلمتم لســــت حَصّهْ
جرّبونـــــي أيهـــــــــا الأحبــــــــــــــابُ والحُكمُ بمصّـــــــهْ
عندنـــــــــــا لوزٌ وجوزٌ أعطني إن شئت فرصهْ
موقف طريف
وما زالت أطياف الكعك تحيط بنا ..
مع بداية سنة دراسية جديدة ، تفقدت الأوراق في مكتبي ، وعثرت على دفاتر من مخلفات السنين الماضية ، كانت للمشرف السابق الأستاذ بشير سعيدان ، فقمت بقص الأوراق التي كتب عليها – وكانت قليلة – وأرسلت الدفاتر للأستاذ جودت ليستفيد منها في كتابة أشعارة ، وقلت لأحد الطلاب : خذها للأستاذ جودت وقل له يكتب فيها شعراً .. وشاء الله تعالى أن يكون مدير المدرسة الأستاذ الفاضل عبد العزيز العريني ( أبو فيصل) عند الأستاذ جودت ، وعندما رأى الموقف فوجئ وتعجب واستغرب ، وذلك لما كان بيني وبين الأستاذ جودت من مساجلات سابقة وقفت فيها مناصراً لمديري ، ومؤيداً له .. وهنا أراد الأستاذ جودت أن يستغل الموقف لصالحه ، وخاصة أنه رأى المدير محتاراً في هذا الموقف ، فكتب على لسانه شعراً يعاتبني في ذلك ..
من أبي فيصل إلى أبي سنان حفظه الله تعالى :
أما بعد :
أخي أبا سنان ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
والمناسبة المؤلمة والمحيّرة دفعتني إلى هذا العتاب ، فقد كنت عند صاحب الكعك المشهور ، صباح اليوم الأربعاء 20/7/1424هـ ، وإذ بكم تهدونه دفاتر للشعر ... !!!
عتاب
شعر جودت أبو بكر
*****
يا عبد الناصــــِرِ لنْ تُعْذَرْ مَا دُمتَ عليْنا تتــــــآمَرْ
في الكَعْكِ عرفتـــُكَ هدّاراً فلماذا لماذا تتغيـّــــــــرْ
ذاكَ – الخِتيارُ لنَــا خصمٌ والكعكُ لديه يتبخْتـــــرْ
تُهديهِ دفاتِرَ في حـــــــُبٍّ كيْ يكتبَ أشْعاراً تُذكـَرْ
كيْ يجْلبَ كعْكاً ســــورِيّاً ليُحاربَ فيه ولا يُكْسَـرْ
مَا هَذا قُلْ لي مَا هـــَذا ؟ يَا عبدَ النّاصرِ لا تغـدُرْ
أعجوزٌ مَزّقَ صُحْبتَنـَـا ؟ كيْ يُهدى وتَهْواهُ أكْثَرْ
يا عبدَ النّاصرِ بي لَــــوْمٌ وعتابي يقولُ لكمْ احْذرْ
واسلموا لأخيكم أبي فيصل ..
وهنا لم أجد بداً من الرد .. فسارعت لكتابة أبيات من الشعر ، أدفع عن نفسي الاتهام ، وأرد على الشاعر العجوز جودت لا حرمنا الله مفاكهته .. فجاءت هذه القصيدة ..
صحبتنا أبداً لــــــن تُكسر
شعر عبد الناصر مغنم
*********
يا خير أخلائي مهـــــــــــلاً لن يكسر صحبتنـــــــا عبقرْ
يا رمز وفاءٍ وصفــــــــــاء صحبتنا أبداً لـــــــن تُكســـرْ
لو جاءك شاعرنــــا جودت بالكعك الحجري وأمطـــــــرْ
لو زين كعكتــــه يومــــــــاً بقصائد فاحت بالعنبــــــــــرْ
لن يصمد في الساح طويلاً أعجوز يصمـــــد لا يُقهـــــرْ
يا خير مديـــــــــرٍ دمت لنا دمت حبيبــــــــــــــاً لا تتعثّرْ
لا تعجل من أجـــــل عجوزٍ ترميني بالغـــــــــــدر وأكثرْ
ختيارك لو ألقى شـــــــعراً وتمادى في الشعر وأبحــــرْ
سيلاقي منا أشـــــــــــعـاراً أحلى من عسلٍ أو ســـــــكرْ
ختيارك لو ألقــــــــى كعكـاً سورياً كالصخـــــــــر تحجّرْ
سيلاقي منا أزهــــــــــــاراً سيلاقي منا مـــــــــا يُنثــــرْ
إن كنتُ جمعت له كتبـــــــاً أو قصصاً تُحكـــــى أو دفترْ
أو كنتُ سأرسل أوراقــــــاً يكتب فيها الشعر ليثــــــــأرْ
ذلك من أجل مســـــــــاجلةٍ مع جودت في الشعر تُفجّــرْ
فيها مرحٌ ومفاكهـــــــــــةٌ فيها الأدب لنا قد أزهــــــرْ
أوتخشى صولة شــــاعرنا ولسانك قلمي والدفتـــــــــرْ
أوتخشى شعراً لعجــــــــوزٍ لا الشعر ولا الكعك سيُنصرْ
واسلموا لأخيكم أبي سنان – عبدالناصر مغنم - !!
بسم الله الرحمن الرحيم
موقف وقصيدة
عقد مدير المدرسة اجتماعاً في قاعة المكتبة ، فرحب به أمين المكتبة وأجلسه على كرسيه ، وبعد قليل شعر المدير بأن الكرسي يتململ ويميد به ، فجعل يتحرك يمنة ويسرة، وينظر إليه أحياناً متعجباً من أمره .. ثم التفت إلينا وقد علته الدهشة ، قائلاً : هذا الكرسي يحتاج إلى من يهجوه بقصيدة ..
عندها عقدت العزم على كتابة قصيدة تعبر عن هذا الموقف ..
ففاضت القريحة بهذه الأبيات ..
كرسي أمين المكتبة
عقد المدير لنـا اجتمــاعــاً في رواق المكتبـــهْ
جئنا ســــــراعاً نحوهــا فلقــــــــاؤهُ ما أعْذبـهْ
وقف الأمين مُرحّبــــاً ميدانُنـــا ما أرحَبَـــــــهْ
السعــدُ حلّ بدارنا يا ليــــت عندي مأدُبــــــــهْ
جاء المدير لمكتبي وبــــــــه تزولُ المسغبــــهْ
هيّا لتجلس ها هنـــــــــا في مقعدي ما أنســبـهْ
سُرّ المدير وثغرهُ متبســـــــــــــمٌ ما أطيبــــــهْ
قال انتظر حتى أرى لأبي سنان مصطبــــــــهْ
حتى يُدون ما أقول أريــــــــــــدهُ ذا مقربـــــهْ
نظر المدير لمقعدٍ متماسكٍ ما أعجبــــــــــــــهْ
وهوى عليه يظنــــــــــــــه في مثل لين الكنبهْ
سمع الزعيق فهزه صوتٌ له ما أغربــــــــــهْ
ثم استوى فتهدهد الكرسي مثلُ الدبدبــــــــــــهْ
قال انظروا أركانه في فرقـــــــــــــةٍ متشــعبهْ
لما جلست عليه ثار له رعودٌ مرعبــــــــــــــهْ
ثم اعتدلت فجلجلت صيحاتــــــــــــــه المتلهبهْ
وإذا انحنيت انْسل من تحتي تعبتُ لأركبــــــهْ
كالخيل يجمحُ هائماً ترويضُــهُ ما أصعبَـــــــهْ
قام المدير يصيح أين أخي الأميـــــــنُ أعاتبـهْ
هذا المرقّعُ هدّني لا تبقـــــــــهِ في المكتبــــــهْ
هذا المكسّر ويحــــــــهُ كرسي أمين المكتبــــهْ
بعد تعرض المدير الحبيب ( أبي فيصل ) لهجمة شعرية جديدة من الأستاذ الفاضل : جودت أبو بكر ( أمين المكتبة ) استنجد المدير بخط الدفاع الأول ، الأستاذ عبد الناصر مغنم ، فكانت هذه القصيدة التي اخترت لها اسماً يناسب ما جاء فيها .. (العنيفة ) .. !!
العنيفـــــــة !!
بقلم / عبد الناصر مغنم
********
لو نظمتَ الشعرَ ألفــــــا لو بجيش جئت زحفـــا
لو تهاوى الكعك فوقـــي منك قصفــــاً ثم نسفـــا
لو جمعت لنـا الجمــــوع وجئتنا بالكعك رصفــــا
لا تلمنــــــي إن أتـــــــــــاك الــــردّ عنفــــــــــاً ثم عصفـــــــــا
عيل صبري لا تســــلني الصبـر إن لدي ســيفــا
أي كعك سوف ترمـــــي كي تحيـــل الدار جُرفـــا
هل تصير إدارتـــــــــــي يوماً كبغــداد وحيفـــــــا
لا تقل لي : لي صديــــق في الوفاء يساوي ألفــا
لا تقل لي إن جــــــــاري وائلاً لـي كان حِلفـــــــا
لم يعد لي غير حــــــــــلّ أن يكون الردّ قصفـــــــا
أن أعيـــــــد الحرب بكراً أن أزيد العنــــف عنفـــا
لا ببارود ونــــــــــــــــارٍ كي تصير صـدىً وطيفا
إنما بالكعك يأتـــــــــــــي مثل عطرٍ طــاب وصفــا
من أخٍ خلٍّ حبيـــــــــــــبٍ في الطعان يكون صفــــا
من أبي سن أتــانــــــــــــا حامـــلاً للكعك رصفــــــا
قائلاً إنــــــــا ســــــــنلقي كعكنا للجــــــــــــود قذفاً
لن يكون لـه مــــــــــــلاذ لا ولا في الأرض منفـى
*****
أرسل صديقنا أبو بكر قصيدة - فيها استغاثة – لمديرنا الغالي أبي فيصل، يطلب فيها الماء البارد ليروي ظمأه ، وخاصة أن المدير الفاضل اعتاد أن يملأ براده بالماء والعصائر ، من أجل الضيوف ، وهـــذه القصيدة بعنوان ( عَطِشنا يا أبا فيصل ) .. وهي كما يلي :
إلى أخينا الكريم أبي فيصل ..
وعلى الله نتوكل ..
أخوكم أبو بكر يقول ، وعمر السامعين يطول ..
عطِشنا يا أبا فيـصل ْ
شعر / جودت أبو بكر
*****
أبو بكرٍ يقــــــولُ لكُمْ وفي أشعارهِ الأجمــَلْ
أبو بكرٍ لــــــهُ طلــبٌ سريعٌ قبلَ أن يرحـــلْ
لـهُ في الشــــــّامِ أيامٌ تصيـــــــحُ بهِ ألا أقبلْ
لــــــهُ فـي دارهِ بيـتٌ وحلمٌ لمْ يــزلْ يأمــــلْ
تقــــــولُ لــهُ أتنسانا وفي النسـيانِ قدْ نُقتلْ
بلادَ الشمس أعلنُهَــا فأنتِ غرامُنـــــا الأوّلْ
بلادَ الشمس صاحبنا سيُعطي دونَ أنْ يُسألْ
تقولُ النّفسُ معــذرةً عَطِشنا يا أبا فيصـــلْ
أنعطشُ أيّها الغالـــي وفي برّادكُمْ منهـــــلْ
يقولُ محمـّــــــــدٌ هيّا أجبناهُ ولنْ يُخـــــــذلْ
فبعدَ المــــــــاءِ تأتينا تمورٌ حُلــــــوةٌ كعسَلْ
هنيئاً قالها كــــــــرماً ففي البرّادِ مــــا يُؤكلْ
واسلموا لأخيكم أبي بكر ..
الأربعاء 12/8/1424هـ - 8/10/2003م
وبناءً على رغبة المدير ، نظمت هذه الأبيات رداً على قصيدة أبي بكر ، وذلك على لسان أبي فيصل حفظه الله ..
أبا بكر فلا تعجلْ ..
شعر / عبدالناصر محمد مغنم
*****
أتاك الـــــردّ في حُللٍ تفيض ندىً فلا تعجــلْ
أتاك الجـــــودُ فياضاً بمـــــــــاءٍ باردٍ فانهــلْ
تعال هلــــمّ كُل تمراً ألا فانهضْ ولا تكســلْ
تقولُ غــداً تودّعنـــا لشام الخير هــل ترحلْ
نقـولُ إذاً تلــوّعنـــــا فنرسلُ خلفكَ الجحفـــلْ
نغُـذّ السـيرَ يدفعُنــــا رجاءُ لقائنَـــــا الأجملْ
تعالَ هلمّ قـــمْ هيّـــــا لنبعِ الماء قــــــــمْ أقبلْ
ففي برّادنـــا غيــــثٌ ومن يطلبهُ لا يُخـــــذَلْ
فسُقيا الماء شــيمتنا نجود به ولا نحفـــــــلْ
وفي البرّاد ألــــــوانٌ لظمآنٍ أتى يســـــــــألْ
عصائرُ طابَ منهلهـا وفي البراد مــــا يُؤكلْ
عتابكَ جودُ أرّقنــــي وهزّ كيانيَ اســــتفحلْ
أمهزومٌ وتتركنــــــــا تعالَ تعالَ لا تزْعـــــــلْ
برّادُ صديقي
شعر / جودت أبو بكر
*******
برّادُ صديقي لمْ يُغلـــــــــقْ والماءُ فراتــــــــاً يتدفـّقْ
برّادُ صديقي مملـــــــــــوءٌ تمراً والجائـــــعُ يتَشـوّقْ
وأخوكُم يحلمُ بخـــــــروفٍ يُشوى بالجمرِ ولا يُحْرقْ
الحلمُ جميلٌ أجملُــــــــــــهُ لو قالوا هـــــــــذا يتحقّقْ
ما دُمنا نحلــــــــــمُ فلنحلمْ بخروفٍ يُحشى بالفسـتقْ
برّادُ صديقي قال لنــــــــــا سيفوزُ بحلمٍ من يســــبقْ
هيّـا وتُردّدُ أشْـــــــــــعاري بالحلمِ نعودُ وقدْ أشـــرقْ
أشعاري ترسلُ آمالــــــــي لتكونَ الشاطئ والزّورقْ
الشعرُ سأرسلهُ أبـــــــــــداً لكنْ للخيرِ وللمنطـــــــقْ
الشّعرُ يقولُ ويصرخُ بـــي أحلامُ الأمة لنْ تُشـــــنقْ
برّادُ صديقــــــي أشـــــعارٌ والشّعرُ الخالدُ في الأعمقْ
برّادُ صديقي منْ صِـــــدقٍ وصديقي نعرفُهُ أصـــْدقْ
واسلموا لأخيكم الحالم ، بخروف يُحشى بالفستق ...
في إدلب حلمك يتحقق
شعر / عبد الناصر مغنم
*******
يا جودت قل لي نبئنــــــي من أين سآتي بالفسـتـق
من حلبٍ يأتي من شـــــامٍ في إدلب حلمـك يتحقــق
بالأمس شكوت لنا عطشـاً والماء طلبت مـع البندق
فوجدت لدينا ما ترجـــــــو من تمر حلــوٍ يتألّـــــــق
وأتيت بحلــــــمٍ كابـــــوس بخروفٍ يُحشى بالفستق
يا جودت دعنا من حُلـــــمٍ أضغاث النــوم لنــا تقلق
أخروف محشيٌّ يُشـــــوى بالجمر يُقلّـبُ لا يُحـرق؟
هذا حلمٌ ما أجملـــــــــــــهُ في إدلب حتمـــاً يتحقـق
وغداً لا أدري ما يأتــــــي أحلامك نهــرٌ يتدفــــــق
براد أخيك وتعرفــــــــــــه للماء أعدّ بنـا فارفـــــق
بعد ذلك طلب مني المدير الفاضل أن أنظم قصيدة موجهة للكبار الذين يقبعون في القبو يتيادلون السواليف .. وخاصة بعدما زار الأمين فلم يجده في مكتبته .. فجاءت هذه القصيدة ..
أين الأمين ؟!!
شعر / عبد الناصر محمد مغنم
*****
جئت الأميــن مســـــــلمــاً أســــعى إليه لأرشــــــده
ومضيــت أبحث جاهـــــداً ورجــــوت ألا أفقـــــــدَه
أين العجــوز لعلـــــــــــــه بالشعر يلقى مُنشــــــــدَه
ووصلت مكتبه فمـــــــــــا ألفيتــه كي أســـــــــــنده
أين الأمين ومــــا الـــــذي من دارنــا قـــــد شـرّده
وقصـــدت جـــار أميننــــا وسألتـــــه من أبعــــــده
قد جئت أقصـــده وكنــــت عزمــــــت ألا أقصــده
قال الأميــن لقـــد مضـــى لوضــــوئــــــه ليجـددَه
أو للصــلاة وربمـــــــــــا تلقاه عـنــد َالمحـــــــدده
ووجدت صبيـــاناً لنـــــــا تلهـــــو تكسّر مقعــــدَه
وذهلـــت حين وجدتـــــــه عـــند العجوز ليســـعدَه
يروي قصائـــــده التـــــي للكعك صارت منضــدة
يحكي مآثرنـــــــا لـــــــــه ليثيــــــر تلك الأفئـــــدة
نهض الأمين وقال لـــــــي عنــــدي الجيوش مجنده
لو كان كعكي ههنـــــــــــا أشــــــعلتَ ناراً مؤصده
لو أنـــه في جعبتــــــــــــي لقذفت كلّ مجلمــــــــــده
وعجبت كيف عجوزنـــــــا يصغي لــــــه ليؤيّــــده ؟
ذو العزم أينَ عصاتـُــــــــه ومن العصـا منْ جرّده ؟
هب العجوز وقال لـــــــــي هل جئتني كــيْ أطرده؟
أين الشهامة يا أخــــــــــي للضـــيف حق أنجــــدَه
قلت انتظـــر يا مصطــفى لا تعجلـــــــــنْ لتقـــلّده
أين العكاكيــــــــــــــز التي عند العجوز مجـــــــرده
أين الأمانـــة يا أبــــــــــــا بكــــرٍ وقعـــت بمصيدَه
عاتبتــــــــه هدّدتـــــــــــــه مــــــا عاد يخلفُ موعده
لا يستجيـــب أميننـــــــــــــا إلا بحـــــــــــــرب موقده
فجاءنا الرد من الأمين في هذه الأبيات ..
بسم الله الرحمن الرحيم
لا تسلني فربما في الصيانة
شعر : جودت علي أبو بكر
****
أين ذاكَ الأمينُ أينَ الأمــــانــــة في دمائــــــي محبــة ورصانهْ
إنّ ذاك الأمين يحيـــــــا أمينــــاً يعشقُ الشعر والوفا والرزانــهْ
أيـــــن ذاكَ الأميــنُ ردّ قصيدي لا تسلني وقد عرفت مكانــــــهْ
بعدَ هذا السؤال يأتي ســـــــؤال وهو فينا وقد يدقّ ســــــــنانـهْ
بين جسمي وبين قلبي صـــراعٌ يصرخُ القلبُ إنّها لمهانــــــــهْ
أيّها الجســمُ ردّ مهلاً فــــــؤادي ليسَ في الأمرِ كما تظنّ خيانـهْ
إنّه العمرُ والســـــــنون عنـــاءٌ وعلى الشعر قدْ نرى ألــــوانـهْ
إنّـه العمرُ يا صديقي ســـــــلاما لا تسلني وقـــــد عرفنا زمانــهْ
إنّ جسمي المريضَ قال عجـوزٌ وهو صـــدقٌ وقد خبرنا كيانــهْ
أينَ ذاكَ العجوزُ ردّ صديقــــــي لا تسلني فربمـــــا في الصيانهْ
الرياض – دار السلام
الأربعاء 31/12/2003م
8/11/1424هـ
وفي خلوة سنحن لي استغرقت في التأمل والتذكر ، ففاضت القريحة بأبيات ، تلتها أبيات أخرى ، حتى صارت قصيدة .. وها هي بين أيديكم فتأملوها ..
همسة في أذن الكبار !!
*****
شعر / عبد الناصر محمد مغنم
بأبي الأسنة أســـــتعين بعــــــد رب العــــــالمين
أين تذهب يا أميــــــــن صاحبــــــــــي كنز ثمين
صاحبي هــــــــــذا فتيٌّ يا أبا بكر ســـــــــــــمين
فاحذروه إذا هجــــــــــا كم شعره شعرٌ رصيــــن
أجْمعُو في القبـو أمـــراً لا يهم فلن أليـــــــــــــــن
وائل نوري ســــــــــوياً شــــــــــبتما ولكم أنيـــن
عزمكم في الـدار ذكـرى في النفوس لها الحنيـــن
شيخكم هذا عـجــــــــوز هل ســـــــينتفض الأمين
شعره نـــــــــار ونــــور لا يهــــــــــــم لنـــا رنين
شعره بالأمـس يشـــــدو مطربـــــــــــــاً كل البنين
إنه اليـــــــــــــوم يناجي أين جمــــــــــع المؤمنين
إنه يشــــــــــــــكو شباباً ضاع في غمـــــر السنين
دعك من صحــــــب كبار كلهم شــــــــــــــاك حزين
لا تقل عندي جنـــــــــود ( ختيروا ) يـا للحزين !!
وبعد يوم جاء رد شاعرنا أبي بكر ..
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين ..
إلى الأخوين العزيزين أبي فيصل وأبي سنان ..
وإلى الأعزاء الإخوان ..
ومن الحب ينهل الشعراء ..
ومن وحي قصيدة أخينا أبي الأسنة ..
على لسان أخينا صاحب الذكاء والفطنة ..
هذه قصة القصيدة ( ومن الحب ينهل الشعراء ) ..
ومنها أيها الأعزاء ..
قد غدونا على الأثافي بقايا يوم شاخت عقولنا والدماء
ولن تشيخ بإذن الله ..
ومن الحب ينهل الشعراء
شعر : جودت علي أبو بكر
****
من وميـــضِ الأيــام ذاك النّداءُ ليس بعدَ الخريفِ إلا الشـتاءُ
يسكبُ القطر في الجــذور نماء ومع الغيم خصبــه والنمـــاءُ
ومــــــع الثلج نبضهُ والأمـاني راح يجري وجريــــــه إرواءُ
بعدَ تلكَ الرياحِ يأتـي ربيــــــــعٌ إنّه الحبّ ليس فيهِ انتهــــــاءُ
من وميضِ الأحـلامِ لاحَ صباحٌ وصباحُ الأحلام فيها يُضـــاءُ
أنشدُ الحلم قال مهلاً صـــديقــي إنّه القلبُ قـــوةٌ ومضــــــــاءُ
ههنــا العمرُ في الفؤادِ وفينـــــا قصّة العمر ما يخطّ الوفـــاءُ
فعجوزُ الأحلامِ أمسى عجــــوزاً ومعَ الوهم سعيــهُ والـــدواءُ
أبيضُ الشعرِ باتَ فيهِ بيــــــاضٌ ليس في الشيب والبياض خفاءُ
ردّد النبضُ والقوافـي هتـــــافٌ إنّما الشيبُ رمزنا واللـــــواءُ
يعجزُ العقلُ رُبَّ عقــــــلٍ كبــيـرٍ في صغيرٍ وفي الكبير خـواءُ
يعجزُ القلبُ ربَّ قلبٍ عجــــــوزٍ في صغيرٍ وعمرهُ أشــــــلاءُ
قد غدونا على الأثافي بقايــــــــا يومَ شاختْ عقولنا والدّمــــاءُ
عمرنا اليوم في الحياة عطـــــاءٌ قيمةُ المرء حبّه والعطـــــــاءُ
يا رفاق الأحلامِ يهتفُ شـــــعري في فؤادي أحبتي والإخــــــاءُ
يا رفاق الأيام إنّ زمـــــــــــانـــاً صار فينــــــا فعمرنـــــا آلاءُ
كيفَ أنسى وإخوتي في قريضـي في شـــعوري قصيدة ولقـــاءُ
كيفَ أنسى وقد نهلتُ كثيــــــــراً ومن الحبّ ينهل الشّــــــعراءُ
في رياض الأجدادِ خطّ قصيـــــدٌ ومن الشامِ والحنين الـــــرواءُ
فائحُ الأرضِ قد دعانا ســـريعــاً ومع الحلم تسرعُ الخضــــراءُ
عــُد إلينا فقد تعبتَ كثيـــــــــــراً وكثيراً ستتعبُ الأهـــــــــــواءُ
عُـد إلينا فأرضنا في اشـــــتياقٍ ومع الحبّ تطلعُ الأنـــــــــداءُ
فســمانا جميلةٌ وربانـــــــــــــــا كيفَ تنسى ربوعنا والســّماءُ
يـــا حبيبَ الأطفالِ هيا سريعــــاً غربة الروح ليس فيها شــفاءُ
غربـــــةُ الروح تصطلينا وإنـــــا في مدى الخير والنجاء النجاءُ
في ندى الغيــم سوف تبقى غيومٌ وإلى الناس والزمــــان السخاءُ
ومع العمـــــر قــد يفر زمـــــــانٌ ومع العمـــر قـد يكون البقــاءُ
قد كبرنـــا وفي الفؤادِ هتــــــافٌ قد كبرنا قصيــــدة وضيــــــاءُ
ههنا الشـــامُ والرياضُ حنيــــــنٌ ومع الحلــــم تبــــدأ الشـهبـــاءُ
يهتــــفُ العقلُ والفؤادُ سلامــــــاً وإلى الله والرسول الــــــــــولاءُ
واسلموا لأخيكم أبي بكر
الرياض – دار السلام
يوم الثلاثاء 21/11/1424هـ - 13/1/2004م
مجرد لخبطة ؟!
شعر / عبد الناصر مغنم
*****
مَاذا دهاكَ أراك اليومَ مضطـــــــرباً شابَ الفؤادُ وشعرُ الرأسِ لــم يشــــــبِ
ماذا اعتراك دهتك اليوم لخبطــــــةٌ هلا كشــــــفت لنا عـــن ســرك العجبِ
ما بـــــال قولك إذ ناديــت مختلطــاً تهذي وتخلط الاسم الصـــرف باللقـــبِ
تدعو المعلم سهواً باسم صاحبـــــه وإذا نسبت فقــــــــد أبدعت في النسبِ
فأبو السنان غدا الفراش تحسبــــه فضلاً كذلك تدعو حلمــــــي بالزعبـــي
ومصطفاك برغم الشـــــيب منبهـرٌ تدعوه ياســـــر هل ضَيّعْتَ وا عجبــي
طرفة وقصيدة
أراد مدير المدرسة أن يبادر أمين المكتبة بالسلام وإلقاء التحية ، وذلك في أول يوم من الدوام بعد إجازة العيد ، فذهب إليه في المكتبة ، وصافحه وعانقه ، فرحب به ، وقدم إليه كعكاً ، فتناوله المدير وجعل يأكل ، ولكن يبدو أن الكعك كان قاسياً ، فلم يُطق المدير هضمه ، فقدم إليه الأستاذ جودت طبقاً ، وطلب منه أن يتناول المزيد ، وألح عليه بذلك ، مما اضطر مديرنا الذي عودنا على سعة صدره وطيبته أن يأكل المزيد ، ولما حاول أمين المكتبة أن يقنعه بتناول المزيد ، قرر المدير الانسحاب فراراً من هذا المأزق بجلده .. ثم صار كلما مرّ بالمكتبة يتذكر الكعك فيسلم عن بعد ، مع استفسار عن الكعك ، وهل ما زال في الطبق منه شيئ أم انتهى ؟
وذات يوم وأثناء اجتماع المدرسين في المكتبة ، ذكر المدير قصته مع كعك الأستاذ جودت ، فرأيت أن أنظم شعراً في هذه الطرفة ، فكانت هذه القصيدة بعنوان "كعك جودت" ..
كعك جودت
شعر / عبد الناصر محمد مغنم
******
زرت جودت ذات يوم حين زاد له اشتياقي
قلت أمضـي كــي أراه إنـه خلّ الوفــــــــاق
قال مرحى يا مديــري ثُمّ حيـــــا بالعنــــاق
صار يشدو لي بشـــعر آه مـــا أحلى التلاقي
واليـــد امتدت لــدرجٍ فيـه حلوى مع رقاق
قدّم الكعــــك المحلــى قال كل كعك الرفــاق
فيه لوز ثم جــــــــــوز طيّـــــــب مثل الرقاق
قلت واحدة ويكفــــــي لا تثَنّي لـــــــــي بباق
قال كلا يــا مديـــري كلـــــه هيا في سباق
شـــدني قال التهمـــــه كعكنا حلــــو المـذاق
وانبرى يعطيني حتى سال دمعي في المآقي
كعكه مثل الشظايـــــا لا تراها فـــي العراق
قد أكلت الكعك حتــــى عــــــــدتُ أرنوللفراق
صرت إن أبصرت كعكاً أنطلــــق مثل البراق
وبعد كتابتها أهديت المدير نسخة منها ، ففرح لذلك وغمره السرور ، وسارع بإرسالها إلى الأستاذ جودت أمين المكتبة ، الذي ما أن قرأها حتى ضحك بملء فيه، وشرع في الرد عليها ، وكتابة مقابلة لها ، ثم ثنى بأخرى حول الكعك ، أحببت أن أطرحها مع قصيدتي في هذه الطرفة التي ستبقى خالدة في الذاكرة .
الكعكيات (1)
شعر / جودت أبو بكر
*****
إن شوق الحــــــــرّ باق في دمـــائي واشتيـاقــي
ألف أهــلاً في فـــــــؤاد نبضـــــــُهُ نبضُ الوِفَاقِ
يومَ حيّانــــــــــي بِلُطفٍ والأخـــــوّة بالعنـــــــاقِ
إنّه الشّـــــــــعرُ دَعَانـي والتلاقــــي بالتلاقــــــي
إنّ في درجــــيَ كعـــكاً وبــــه بعضُ الـــرّقــاقِ
أيّها الأستاذُ كعكــــــــي هاتـفٌ أين رفاقــــــــي
هُو من لوز وجــــــــوز هو مـن شهدٍ مُــــــراقِ
كلّ ما في الدّرج يُهدى ثُمّ يُهدى أيّ بـــــــــاقِ
يُؤكلُ الكعك لذيـــــــذاً هيّا إنّا في ســـــــــباقِ
قَضَمَ الكَعكـــــــةَ نـادى ألفَ آهٍ مـــــــــــا ألاقي
ربما تكســــر أسنانـــي ويمضـــــــــــي للبواقِ
قلتُ يا أســــــــتاذ لا لا إنّه حلوُ المــــــــــــذاقِ
شدّني والدمـــــعُ يجري ثُمّ يجــــري في المآقي
هل تُرى كعكك صخـــرٌ أم شظايا في العـــــراقِ
قال لـي هيا وهيــــــــــا يـا صديقي للفـــــــراقِ
ومضى عنـي بعيـــــــداً وســريــعاً كالبـــــــراقِ
صحتُ يا أسـتاذُ مهـــلاً وهو يمضي في انطلاق
قد كرهتُ الكعك لمّــــا قد رمانا في الشـــــقاقِ
الكعكيات (2)
شعر / جودت أبو بكر
*****
هذه الكعكــــةُ أحلـــى وبِأهـــــلِ الخير أوْلــــى
قلـــــــــــــتُ أهديهـــــــــــا ، وفي الإهـــــــــداء حبٌّ ليس إلاّ
زارني يومـــــاً مُديري قلتُ يـــــــومُ السّعد حَلاّ
كعكنـا أمســــــــى شهياً وبـــــه الشّهدُ تدَلّــــــى
أيّها الأستاذ خُذهـــــــــا كعكــــة أزكى وأغلـــى
من أخيك الآن تُهــــدى وبها أهلاً وســـــــــهلا
أخَذ الكعكــــــــــة منّي ثُمّ خـلاّنـــــــــي وولّى
قلتُ يا أســـــــتاذ عُذراً أيّهــــــــــا الأستاذ مهلا
عندنـــــــــــا كعكٌ كثيرٌ صاحَ لا لا ثــــــمّ لا لا
ارم بالكعـــــــــكِ يهوداً كي يُروا صرعى وقتلى
وذات يوم ، وبينما كان المدير يقوم بجولة في المدرسة ، التقى بأمين المكتبة ، فألقى على مسامعه هذه الأبيات ، حول الكعك أيضاً ..
الأخ الأستاذ الكريم / أبا فيصل سلمه الله تعالى ..
عِندما أسأل عنـــــكا فلَقـــــــــدْ أملكُ شـكا
ربما يشربُ شـــــاياً ربمــــــــا يأكلُ كعكا
كعكنا أمسى حبيبــــاً وشــهياً ليس شـوكا
لا تُخاصمــــــه كثيراً ربمـــــــا يزعل منكا
فلما التقيت بمديري في المدرسة ، أطلعني على هذه الأبيات ، ثم ألمح لي بضرورة الرد عليها ، لأن كعك أستاذنا جودت ليس مجرد شوك كما يظن ، بل شظايا فعلت وفعلت ..
بعدها خلوت برهة في غرفتي ، ففاضت القريحة بهذا الرد ..
لا تسَلْ عنّي فإنّــــــي مغرمٌ بالبعدِ عنـــــــكـا
منذُ ذُقتُ الكعك غصباً لمْ أعُدْ أرنــــــــو إليكـا
يا صديقـــي أيّ شوكٍ دكّ أســــــــنانيَ دكــّــا
لا تقلْ كعكاً شــــــهياً ليـس شهداً ليس مِسـكا
كعكُكَ المُهدى شـظايا مِنْ صُخورٍ صارَ كعكا
أعطهِ شبلاً أبيـــــّــــاً ينفجرْ فيه بعكـــّــــــــا
كيفَ أمضي نحوَ خلٍّ قدْ بنى للكعــــــكِ بنكا
وبعد أيام .. عاد الأستاذ جودت مرة أخرى ليذكرنا بكعكه .. ومضى يشدو لنا بشعره ، يتغنى بكعكه .. بل إنه صار يهددنا به ، ويتوعدنا بقطعة منه .. فقال :
صوته صوت رخيم وحبيــب دون شك
إن يعـد يصرخ يوماً فلــــــه قطعة كعك
وما أن قرأها مديرنا الفاضل ، حتى استغاث بمن يرد عليه ..
اتصل بي ليخبرني بهذا الهجوم المفاجئ ، ويطلب الرد عليه بسباعية حامية ..
ففكرت قليلاً .. ثم رددت هذه الأبيات ..
يا أخي دع عنك صــوتي بُــــــح من حبات كعكِ
كنت لو ناديتُ صخــــراً يسمعُ الصوت فيحكــي
كنتُ ذا صوت جهــــور ضـاع حتى حيــن أبكي
يا صديقــــــــي أيّ حبّ منك قد أدى لفتــــــــكي
لم أعد أبصــــر حولـــي أي شيءٍ غيـــــــر كعكِ
مثل كابـــــــوس أتـــاني يبتغي ذبحي وســـــفكي
كل يـــــــــوم إذ تنـــادي يا أخــــي كعكي وكعكي
لم يتوقف الشاعر جودت أبو بكر عن الرد ، وإرسال مزيد من الأبيات حول كعكه للمدير ..
فسارع بهذه الأبيات ( الأحد 29/12/1423هـ) :
يقول : التقيت مع الأستاذ عبد العزيز العريني ، ناداني بأبي كعك ، فارتجلت له :
كعكنا قد صار قصّة ولـهُ في الحلقِ غصّــة
كعكنا هذا حبيــــــبٌ أعْطهِ إنْ شئتَ فُرصة
عندنا كعكٌ كثيــــــرٌ ولكم أكبرُ حصّــــــــة
وكالعادة لا بد من الرد ، فعندما أعلمني المدير بها سارعت بكتابة هذه الأبيات ..
لا تذكّرني بكعــــــــــكٍ فيه آلامٌ وغصـــــــــهْ
لو رأيت الكعك أمضي نحو هاتيك المنصّــــهْ
لو ســـــــــمعت الكاف والعيــــــن بدرسٍ أو بحصّــــــــــهْ
قمت فوراً من مكانـــي قد أتيحت خيرُ فرصهْ
للهروب وللتولـــــــــي مثل من جاءته رفصهْ
إن أتاني الكعك يومــــاً قد أولّي نحو قفصــــهْ
وقفصة مدينة من مدن تونس ..
بعدما قرأ شاعرنا هذه الأبيات ، عاود الرد بهذه الأبيات ..
شـعركم هــــــــذا جميلٌ عندما نقـــــــرأ نصّــــهْ
إنمــــــــــا كعكي ينـادي قد ظلمتم لســــت حَصّهْ
جرّبونـــــي أيهـــــــــا الأحبــــــــــــــابُ والحُكمُ بمصّـــــــهْ
عندنـــــــــــا لوزٌ وجوزٌ أعطني إن شئت فرصهْ
موقف طريف
وما زالت أطياف الكعك تحيط بنا ..
مع بداية سنة دراسية جديدة ، تفقدت الأوراق في مكتبي ، وعثرت على دفاتر من مخلفات السنين الماضية ، كانت للمشرف السابق الأستاذ بشير سعيدان ، فقمت بقص الأوراق التي كتب عليها – وكانت قليلة – وأرسلت الدفاتر للأستاذ جودت ليستفيد منها في كتابة أشعارة ، وقلت لأحد الطلاب : خذها للأستاذ جودت وقل له يكتب فيها شعراً .. وشاء الله تعالى أن يكون مدير المدرسة الأستاذ الفاضل عبد العزيز العريني ( أبو فيصل) عند الأستاذ جودت ، وعندما رأى الموقف فوجئ وتعجب واستغرب ، وذلك لما كان بيني وبين الأستاذ جودت من مساجلات سابقة وقفت فيها مناصراً لمديري ، ومؤيداً له .. وهنا أراد الأستاذ جودت أن يستغل الموقف لصالحه ، وخاصة أنه رأى المدير محتاراً في هذا الموقف ، فكتب على لسانه شعراً يعاتبني في ذلك ..
من أبي فيصل إلى أبي سنان حفظه الله تعالى :
أما بعد :
أخي أبا سنان ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
والمناسبة المؤلمة والمحيّرة دفعتني إلى هذا العتاب ، فقد كنت عند صاحب الكعك المشهور ، صباح اليوم الأربعاء 20/7/1424هـ ، وإذ بكم تهدونه دفاتر للشعر ... !!!
عتاب
شعر جودت أبو بكر
*****
يا عبد الناصــــِرِ لنْ تُعْذَرْ مَا دُمتَ عليْنا تتــــــآمَرْ
في الكَعْكِ عرفتـــُكَ هدّاراً فلماذا لماذا تتغيـّــــــــرْ
ذاكَ – الخِتيارُ لنَــا خصمٌ والكعكُ لديه يتبخْتـــــرْ
تُهديهِ دفاتِرَ في حـــــــُبٍّ كيْ يكتبَ أشْعاراً تُذكـَرْ
كيْ يجْلبَ كعْكاً ســــورِيّاً ليُحاربَ فيه ولا يُكْسَـرْ
مَا هَذا قُلْ لي مَا هـــَذا ؟ يَا عبدَ النّاصرِ لا تغـدُرْ
أعجوزٌ مَزّقَ صُحْبتَنـَـا ؟ كيْ يُهدى وتَهْواهُ أكْثَرْ
يا عبدَ النّاصرِ بي لَــــوْمٌ وعتابي يقولُ لكمْ احْذرْ
واسلموا لأخيكم أبي فيصل ..
وهنا لم أجد بداً من الرد .. فسارعت لكتابة أبيات من الشعر ، أدفع عن نفسي الاتهام ، وأرد على الشاعر العجوز جودت لا حرمنا الله مفاكهته .. فجاءت هذه القصيدة ..
صحبتنا أبداً لــــــن تُكسر
شعر عبد الناصر مغنم
*********
يا خير أخلائي مهـــــــــــلاً لن يكسر صحبتنـــــــا عبقرْ
يا رمز وفاءٍ وصفــــــــــاء صحبتنا أبداً لـــــــن تُكســـرْ
لو جاءك شاعرنــــا جودت بالكعك الحجري وأمطـــــــرْ
لو زين كعكتــــه يومــــــــاً بقصائد فاحت بالعنبــــــــــرْ
لن يصمد في الساح طويلاً أعجوز يصمـــــد لا يُقهـــــرْ
يا خير مديـــــــــرٍ دمت لنا دمت حبيبــــــــــــــاً لا تتعثّرْ
لا تعجل من أجـــــل عجوزٍ ترميني بالغـــــــــــدر وأكثرْ
ختيارك لو ألقى شـــــــعراً وتمادى في الشعر وأبحــــرْ
سيلاقي منا أشـــــــــــعـاراً أحلى من عسلٍ أو ســـــــكرْ
ختيارك لو ألقــــــــى كعكـاً سورياً كالصخـــــــــر تحجّرْ
سيلاقي منا أزهــــــــــــاراً سيلاقي منا مـــــــــا يُنثــــرْ
إن كنتُ جمعت له كتبـــــــاً أو قصصاً تُحكـــــى أو دفترْ
أو كنتُ سأرسل أوراقــــــاً يكتب فيها الشعر ليثــــــــأرْ
ذلك من أجل مســـــــــاجلةٍ مع جودت في الشعر تُفجّــرْ
فيها مرحٌ ومفاكهـــــــــــةٌ فيها الأدب لنا قد أزهــــــرْ
أوتخشى صولة شــــاعرنا ولسانك قلمي والدفتـــــــــرْ
أوتخشى شعراً لعجــــــــوزٍ لا الشعر ولا الكعك سيُنصرْ
واسلموا لأخيكم أبي سنان – عبدالناصر مغنم - !!
بسم الله الرحمن الرحيم
موقف وقصيدة
عقد مدير المدرسة اجتماعاً في قاعة المكتبة ، فرحب به أمين المكتبة وأجلسه على كرسيه ، وبعد قليل شعر المدير بأن الكرسي يتململ ويميد به ، فجعل يتحرك يمنة ويسرة، وينظر إليه أحياناً متعجباً من أمره .. ثم التفت إلينا وقد علته الدهشة ، قائلاً : هذا الكرسي يحتاج إلى من يهجوه بقصيدة ..
عندها عقدت العزم على كتابة قصيدة تعبر عن هذا الموقف ..
ففاضت القريحة بهذه الأبيات ..
كرسي أمين المكتبة
عقد المدير لنـا اجتمــاعــاً في رواق المكتبـــهْ
جئنا ســــــراعاً نحوهــا فلقــــــــاؤهُ ما أعْذبـهْ
وقف الأمين مُرحّبــــاً ميدانُنـــا ما أرحَبَـــــــهْ
السعــدُ حلّ بدارنا يا ليــــت عندي مأدُبــــــــهْ
جاء المدير لمكتبي وبــــــــه تزولُ المسغبــــهْ
هيّا لتجلس ها هنـــــــــا في مقعدي ما أنســبـهْ
سُرّ المدير وثغرهُ متبســـــــــــــمٌ ما أطيبــــــهْ
قال انتظر حتى أرى لأبي سنان مصطبــــــــهْ
حتى يُدون ما أقول أريــــــــــــدهُ ذا مقربـــــهْ
نظر المدير لمقعدٍ متماسكٍ ما أعجبــــــــــــــهْ
وهوى عليه يظنــــــــــــــه في مثل لين الكنبهْ
سمع الزعيق فهزه صوتٌ له ما أغربــــــــــهْ
ثم استوى فتهدهد الكرسي مثلُ الدبدبــــــــــــهْ
قال انظروا أركانه في فرقـــــــــــــةٍ متشــعبهْ
لما جلست عليه ثار له رعودٌ مرعبــــــــــــــهْ
ثم اعتدلت فجلجلت صيحاتــــــــــــــه المتلهبهْ
وإذا انحنيت انْسل من تحتي تعبتُ لأركبــــــهْ
كالخيل يجمحُ هائماً ترويضُــهُ ما أصعبَـــــــهْ
قام المدير يصيح أين أخي الأميـــــــنُ أعاتبـهْ
هذا المرقّعُ هدّني لا تبقـــــــــهِ في المكتبــــــهْ
هذا المكسّر ويحــــــــهُ كرسي أمين المكتبــــهْ
بعد تعرض المدير الحبيب ( أبي فيصل ) لهجمة شعرية جديدة من الأستاذ الفاضل : جودت أبو بكر ( أمين المكتبة ) استنجد المدير بخط الدفاع الأول ، الأستاذ عبد الناصر مغنم ، فكانت هذه القصيدة التي اخترت لها اسماً يناسب ما جاء فيها .. (العنيفة ) .. !!
العنيفـــــــة !!
بقلم / عبد الناصر مغنم
********
لو نظمتَ الشعرَ ألفــــــا لو بجيش جئت زحفـــا
لو تهاوى الكعك فوقـــي منك قصفــــاً ثم نسفـــا
لو جمعت لنـا الجمــــوع وجئتنا بالكعك رصفــــا
لا تلمنــــــي إن أتـــــــــــاك الــــردّ عنفــــــــــاً ثم عصفـــــــــا
عيل صبري لا تســــلني الصبـر إن لدي ســيفــا
أي كعك سوف ترمـــــي كي تحيـــل الدار جُرفـــا
هل تصير إدارتـــــــــــي يوماً كبغــداد وحيفـــــــا
لا تقل لي : لي صديــــق في الوفاء يساوي ألفــا
لا تقل لي إن جــــــــاري وائلاً لـي كان حِلفـــــــا
لم يعد لي غير حــــــــــلّ أن يكون الردّ قصفـــــــا
أن أعيـــــــد الحرب بكراً أن أزيد العنــــف عنفـــا
لا ببارود ونــــــــــــــــارٍ كي تصير صـدىً وطيفا
إنما بالكعك يأتـــــــــــــي مثل عطرٍ طــاب وصفــا
من أخٍ خلٍّ حبيـــــــــــــبٍ في الطعان يكون صفــــا
من أبي سن أتــانــــــــــــا حامـــلاً للكعك رصفــــــا
قائلاً إنــــــــا ســــــــنلقي كعكنا للجــــــــــــود قذفاً
لن يكون لـه مــــــــــــلاذ لا ولا في الأرض منفـى
*****
أرسل صديقنا أبو بكر قصيدة - فيها استغاثة – لمديرنا الغالي أبي فيصل، يطلب فيها الماء البارد ليروي ظمأه ، وخاصة أن المدير الفاضل اعتاد أن يملأ براده بالماء والعصائر ، من أجل الضيوف ، وهـــذه القصيدة بعنوان ( عَطِشنا يا أبا فيصل ) .. وهي كما يلي :
إلى أخينا الكريم أبي فيصل ..
وعلى الله نتوكل ..
أخوكم أبو بكر يقول ، وعمر السامعين يطول ..
عطِشنا يا أبا فيـصل ْ
شعر / جودت أبو بكر
*****
أبو بكرٍ يقــــــولُ لكُمْ وفي أشعارهِ الأجمــَلْ
أبو بكرٍ لــــــهُ طلــبٌ سريعٌ قبلَ أن يرحـــلْ
لـهُ في الشــــــّامِ أيامٌ تصيـــــــحُ بهِ ألا أقبلْ
لــــــهُ فـي دارهِ بيـتٌ وحلمٌ لمْ يــزلْ يأمــــلْ
تقــــــولُ لــهُ أتنسانا وفي النسـيانِ قدْ نُقتلْ
بلادَ الشمس أعلنُهَــا فأنتِ غرامُنـــــا الأوّلْ
بلادَ الشمس صاحبنا سيُعطي دونَ أنْ يُسألْ
تقولُ النّفسُ معــذرةً عَطِشنا يا أبا فيصـــلْ
أنعطشُ أيّها الغالـــي وفي برّادكُمْ منهـــــلْ
يقولُ محمـّــــــــدٌ هيّا أجبناهُ ولنْ يُخـــــــذلْ
فبعدَ المــــــــاءِ تأتينا تمورٌ حُلــــــوةٌ كعسَلْ
هنيئاً قالها كــــــــرماً ففي البرّادِ مــــا يُؤكلْ
واسلموا لأخيكم أبي بكر ..
الأربعاء 12/8/1424هـ - 8/10/2003م
وبناءً على رغبة المدير ، نظمت هذه الأبيات رداً على قصيدة أبي بكر ، وذلك على لسان أبي فيصل حفظه الله ..
أبا بكر فلا تعجلْ ..
شعر / عبدالناصر محمد مغنم
*****
أتاك الـــــردّ في حُللٍ تفيض ندىً فلا تعجــلْ
أتاك الجـــــودُ فياضاً بمـــــــــاءٍ باردٍ فانهــلْ
تعال هلــــمّ كُل تمراً ألا فانهضْ ولا تكســلْ
تقولُ غــداً تودّعنـــا لشام الخير هــل ترحلْ
نقـولُ إذاً تلــوّعنـــــا فنرسلُ خلفكَ الجحفـــلْ
نغُـذّ السـيرَ يدفعُنــــا رجاءُ لقائنَـــــا الأجملْ
تعالَ هلمّ قـــمْ هيّـــــا لنبعِ الماء قــــــــمْ أقبلْ
ففي برّادنـــا غيــــثٌ ومن يطلبهُ لا يُخـــــذَلْ
فسُقيا الماء شــيمتنا نجود به ولا نحفـــــــلْ
وفي البرّاد ألــــــوانٌ لظمآنٍ أتى يســـــــــألْ
عصائرُ طابَ منهلهـا وفي البراد مــــا يُؤكلْ
عتابكَ جودُ أرّقنــــي وهزّ كيانيَ اســــتفحلْ
أمهزومٌ وتتركنــــــــا تعالَ تعالَ لا تزْعـــــــلْ
برّادُ صديقي
شعر / جودت أبو بكر
*******
برّادُ صديقي لمْ يُغلـــــــــقْ والماءُ فراتــــــــاً يتدفـّقْ
برّادُ صديقي مملـــــــــــوءٌ تمراً والجائـــــعُ يتَشـوّقْ
وأخوكُم يحلمُ بخـــــــروفٍ يُشوى بالجمرِ ولا يُحْرقْ
الحلمُ جميلٌ أجملُــــــــــــهُ لو قالوا هـــــــــذا يتحقّقْ
ما دُمنا نحلــــــــــمُ فلنحلمْ بخروفٍ يُحشى بالفسـتقْ
برّادُ صديقي قال لنــــــــــا سيفوزُ بحلمٍ من يســــبقْ
هيّـا وتُردّدُ أشْـــــــــــعاري بالحلمِ نعودُ وقدْ أشـــرقْ
أشعاري ترسلُ آمالــــــــي لتكونَ الشاطئ والزّورقْ
الشعرُ سأرسلهُ أبـــــــــــداً لكنْ للخيرِ وللمنطـــــــقْ
الشّعرُ يقولُ ويصرخُ بـــي أحلامُ الأمة لنْ تُشـــــنقْ
برّادُ صديقــــــي أشـــــعارٌ والشّعرُ الخالدُ في الأعمقْ
برّادُ صديقي منْ صِـــــدقٍ وصديقي نعرفُهُ أصـــْدقْ
واسلموا لأخيكم الحالم ، بخروف يُحشى بالفستق ...
في إدلب حلمك يتحقق
شعر / عبد الناصر مغنم
*******
يا جودت قل لي نبئنــــــي من أين سآتي بالفسـتـق
من حلبٍ يأتي من شـــــامٍ في إدلب حلمـك يتحقــق
بالأمس شكوت لنا عطشـاً والماء طلبت مـع البندق
فوجدت لدينا ما ترجـــــــو من تمر حلــوٍ يتألّـــــــق
وأتيت بحلــــــمٍ كابـــــوس بخروفٍ يُحشى بالفستق
يا جودت دعنا من حُلـــــمٍ أضغاث النــوم لنــا تقلق
أخروف محشيٌّ يُشـــــوى بالجمر يُقلّـبُ لا يُحـرق؟
هذا حلمٌ ما أجملـــــــــــــهُ في إدلب حتمـــاً يتحقـق
وغداً لا أدري ما يأتــــــي أحلامك نهــرٌ يتدفــــــق
براد أخيك وتعرفــــــــــــه للماء أعدّ بنـا فارفـــــق
بعد ذلك طلب مني المدير الفاضل أن أنظم قصيدة موجهة للكبار الذين يقبعون في القبو يتيادلون السواليف .. وخاصة بعدما زار الأمين فلم يجده في مكتبته .. فجاءت هذه القصيدة ..
أين الأمين ؟!!
شعر / عبد الناصر محمد مغنم
*****
جئت الأميــن مســـــــلمــاً أســــعى إليه لأرشــــــده
ومضيــت أبحث جاهـــــداً ورجــــوت ألا أفقـــــــدَه
أين العجــوز لعلـــــــــــــه بالشعر يلقى مُنشــــــــدَه
ووصلت مكتبه فمـــــــــــا ألفيتــه كي أســـــــــــنده
أين الأمين ومــــا الـــــذي من دارنــا قـــــد شـرّده
وقصـــدت جـــار أميننــــا وسألتـــــه من أبعــــــده
قد جئت أقصـــده وكنــــت عزمــــــت ألا أقصــده
قال الأميــن لقـــد مضـــى لوضــــوئــــــه ليجـددَه
أو للصــلاة وربمـــــــــــا تلقاه عـنــد َالمحـــــــدده
ووجدت صبيـــاناً لنـــــــا تلهـــــو تكسّر مقعــــدَه
وذهلـــت حين وجدتـــــــه عـــند العجوز ليســـعدَه
يروي قصائـــــده التـــــي للكعك صارت منضــدة
يحكي مآثرنـــــــا لـــــــــه ليثيــــــر تلك الأفئـــــدة
نهض الأمين وقال لـــــــي عنــــدي الجيوش مجنده
لو كان كعكي ههنـــــــــــا أشــــــعلتَ ناراً مؤصده
لو أنـــه في جعبتــــــــــــي لقذفت كلّ مجلمــــــــــده
وعجبت كيف عجوزنـــــــا يصغي لــــــه ليؤيّــــده ؟
ذو العزم أينَ عصاتـُــــــــه ومن العصـا منْ جرّده ؟
هب العجوز وقال لـــــــــي هل جئتني كــيْ أطرده؟
أين الشهامة يا أخــــــــــي للضـــيف حق أنجــــدَه
قلت انتظـــر يا مصطــفى لا تعجلـــــــــنْ لتقـــلّده
أين العكاكيــــــــــــــز التي عند العجوز مجـــــــرده
أين الأمانـــة يا أبــــــــــــا بكــــرٍ وقعـــت بمصيدَه
عاتبتــــــــه هدّدتـــــــــــــه مــــــا عاد يخلفُ موعده
لا يستجيـــب أميننـــــــــــــا إلا بحـــــــــــــرب موقده
فجاءنا الرد من الأمين في هذه الأبيات ..
بسم الله الرحمن الرحيم
لا تسلني فربما في الصيانة
شعر : جودت علي أبو بكر
****
أين ذاكَ الأمينُ أينَ الأمــــانــــة في دمائــــــي محبــة ورصانهْ
إنّ ذاك الأمين يحيـــــــا أمينــــاً يعشقُ الشعر والوفا والرزانــهْ
أيـــــن ذاكَ الأميــنُ ردّ قصيدي لا تسلني وقد عرفت مكانــــــهْ
بعدَ هذا السؤال يأتي ســـــــؤال وهو فينا وقد يدقّ ســــــــنانـهْ
بين جسمي وبين قلبي صـــراعٌ يصرخُ القلبُ إنّها لمهانــــــــهْ
أيّها الجســمُ ردّ مهلاً فــــــؤادي ليسَ في الأمرِ كما تظنّ خيانـهْ
إنّه العمرُ والســـــــنون عنـــاءٌ وعلى الشعر قدْ نرى ألــــوانـهْ
إنّـه العمرُ يا صديقي ســـــــلاما لا تسلني وقـــــد عرفنا زمانــهْ
إنّ جسمي المريضَ قال عجـوزٌ وهو صـــدقٌ وقد خبرنا كيانــهْ
أينَ ذاكَ العجوزُ ردّ صديقــــــي لا تسلني فربمـــــا في الصيانهْ
الرياض – دار السلام
الأربعاء 31/12/2003م
8/11/1424هـ
وفي خلوة سنحن لي استغرقت في التأمل والتذكر ، ففاضت القريحة بأبيات ، تلتها أبيات أخرى ، حتى صارت قصيدة .. وها هي بين أيديكم فتأملوها ..
همسة في أذن الكبار !!
*****
شعر / عبد الناصر محمد مغنم
بأبي الأسنة أســـــتعين بعــــــد رب العــــــالمين
أين تذهب يا أميــــــــن صاحبــــــــــي كنز ثمين
صاحبي هــــــــــذا فتيٌّ يا أبا بكر ســـــــــــــمين
فاحذروه إذا هجــــــــــا كم شعره شعرٌ رصيــــن
أجْمعُو في القبـو أمـــراً لا يهم فلن أليـــــــــــــــن
وائل نوري ســــــــــوياً شــــــــــبتما ولكم أنيـــن
عزمكم في الـدار ذكـرى في النفوس لها الحنيـــن
شيخكم هذا عـجــــــــوز هل ســـــــينتفض الأمين
شعره نـــــــــار ونــــور لا يهــــــــــــم لنـــا رنين
شعره بالأمـس يشـــــدو مطربـــــــــــــاً كل البنين
إنه اليـــــــــــــوم يناجي أين جمــــــــــع المؤمنين
إنه يشــــــــــــــكو شباباً ضاع في غمـــــر السنين
دعك من صحــــــب كبار كلهم شــــــــــــــاك حزين
لا تقل عندي جنـــــــــود ( ختيروا ) يـا للحزين !!
وبعد يوم جاء رد شاعرنا أبي بكر ..
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين ..
إلى الأخوين العزيزين أبي فيصل وأبي سنان ..
وإلى الأعزاء الإخوان ..
ومن الحب ينهل الشعراء ..
ومن وحي قصيدة أخينا أبي الأسنة ..
على لسان أخينا صاحب الذكاء والفطنة ..
هذه قصة القصيدة ( ومن الحب ينهل الشعراء ) ..
ومنها أيها الأعزاء ..
قد غدونا على الأثافي بقايا يوم شاخت عقولنا والدماء
ولن تشيخ بإذن الله ..
ومن الحب ينهل الشعراء
شعر : جودت علي أبو بكر
****
من وميـــضِ الأيــام ذاك النّداءُ ليس بعدَ الخريفِ إلا الشـتاءُ
يسكبُ القطر في الجــذور نماء ومع الغيم خصبــه والنمـــاءُ
ومــــــع الثلج نبضهُ والأمـاني راح يجري وجريــــــه إرواءُ
بعدَ تلكَ الرياحِ يأتـي ربيــــــــعٌ إنّه الحبّ ليس فيهِ انتهــــــاءُ
من وميضِ الأحـلامِ لاحَ صباحٌ وصباحُ الأحلام فيها يُضـــاءُ
أنشدُ الحلم قال مهلاً صـــديقــي إنّه القلبُ قـــوةٌ ومضــــــــاءُ
ههنــا العمرُ في الفؤادِ وفينـــــا قصّة العمر ما يخطّ الوفـــاءُ
فعجوزُ الأحلامِ أمسى عجــــوزاً ومعَ الوهم سعيــهُ والـــدواءُ
أبيضُ الشعرِ باتَ فيهِ بيــــــاضٌ ليس في الشيب والبياض خفاءُ
ردّد النبضُ والقوافـي هتـــــافٌ إنّما الشيبُ رمزنا واللـــــواءُ
يعجزُ العقلُ رُبَّ عقــــــلٍ كبــيـرٍ في صغيرٍ وفي الكبير خـواءُ
يعجزُ القلبُ ربَّ قلبٍ عجــــــوزٍ في صغيرٍ وعمرهُ أشــــــلاءُ
قد غدونا على الأثافي بقايــــــــا يومَ شاختْ عقولنا والدّمــــاءُ
عمرنا اليوم في الحياة عطـــــاءٌ قيمةُ المرء حبّه والعطـــــــاءُ
يا رفاق الأحلامِ يهتفُ شـــــعري في فؤادي أحبتي والإخــــــاءُ
يا رفاق الأيام إنّ زمـــــــــــانـــاً صار فينــــــا فعمرنـــــا آلاءُ
كيفَ أنسى وإخوتي في قريضـي في شـــعوري قصيدة ولقـــاءُ
كيفَ أنسى وقد نهلتُ كثيــــــــراً ومن الحبّ ينهل الشّــــــعراءُ
في رياض الأجدادِ خطّ قصيـــــدٌ ومن الشامِ والحنين الـــــرواءُ
فائحُ الأرضِ قد دعانا ســـريعــاً ومع الحلم تسرعُ الخضــــراءُ
عــُد إلينا فقد تعبتَ كثيـــــــــــراً وكثيراً ستتعبُ الأهـــــــــــواءُ
عُـد إلينا فأرضنا في اشـــــتياقٍ ومع الحبّ تطلعُ الأنـــــــــداءُ
فســمانا جميلةٌ وربانـــــــــــــــا كيفَ تنسى ربوعنا والســّماءُ
يـــا حبيبَ الأطفالِ هيا سريعــــاً غربة الروح ليس فيها شــفاءُ
غربـــــةُ الروح تصطلينا وإنـــــا في مدى الخير والنجاء النجاءُ
في ندى الغيــم سوف تبقى غيومٌ وإلى الناس والزمــــان السخاءُ
ومع العمـــــر قــد يفر زمـــــــانٌ ومع العمـــر قـد يكون البقــاءُ
قد كبرنـــا وفي الفؤادِ هتــــــافٌ قد كبرنا قصيــــدة وضيــــــاءُ
ههنا الشـــامُ والرياضُ حنيــــــنٌ ومع الحلــــم تبــــدأ الشـهبـــاءُ
يهتــــفُ العقلُ والفؤادُ سلامــــــاً وإلى الله والرسول الــــــــــولاءُ
واسلموا لأخيكم أبي بكر
الرياض – دار السلام
يوم الثلاثاء 21/11/1424هـ - 13/1/2004م
مجرد لخبطة ؟!
شعر / عبد الناصر مغنم
*****
مَاذا دهاكَ أراك اليومَ مضطـــــــرباً شابَ الفؤادُ وشعرُ الرأسِ لــم يشــــــبِ
ماذا اعتراك دهتك اليوم لخبطــــــةٌ هلا كشــــــفت لنا عـــن ســرك العجبِ
ما بـــــال قولك إذ ناديــت مختلطــاً تهذي وتخلط الاسم الصـــرف باللقـــبِ
تدعو المعلم سهواً باسم صاحبـــــه وإذا نسبت فقــــــــد أبدعت في النسبِ
فأبو السنان غدا الفراش تحسبــــه فضلاً كذلك تدعو حلمــــــي بالزعبـــي
ومصطفاك برغم الشـــــيب منبهـرٌ تدعوه ياســـــر هل ضَيّعْتَ وا عجبــي